[أو لاستحضار (١) الصّورة] عطف (٢) على قوله : لتنزيله.
______________________________________________________
(١) أي لإحضار المتكلّم المخاطب الصّورة ، فالسّين والتّاء ليستا للطّلب ، بل زائدتان للتّأكيد ، ويجوز أن تكونا للطّلب كأنّ المتكلّم يطلب من نفسه الإحضار.
وكيف كان فإنّما عبّر عن مدخول لو الّذي يجب أن يكون ماضيا بفعل مضارع ، لأجل تجسيم صورة موقف الكفّار يوم القيامة بإحضار الصّورة المذكورة في أذهان المخاطبين حتّى ينظروا إلى الموقف المزبور نظرا شهوديا ، لأنّ المضارع ممّا يصلح للدّلالة على الحال الحاضر الّذي من شأنه العرض والتّجسيم.
(٢) إنّ ما ذكره الشّارح من أنّ قوله : «لاستحضار الصّورة» عطف على قوله : «لتنزيله» لا يرجع إلى محصّل صحيح ، لأنّه مستلزم لعطف الخاصّ على العامّ ، حيث إنّ التّنزيل المذكور سابقا مطلق لم يلحظ فيه الاستحضار أو عدمه ، والاستحضار عبارة عن التّنزيل الملحوظ معه الاستحضار أو عدمه ، ومثل هذا العطف مختصّ بالواو ، ولا يجوز بأو ، للزوم جعل قسم الشّيء قسيما له ، إلّا أن يقال : إنّه عطف مغاير نظرا إلى أنّ المعطوف عليه من تنزيل الماضي حقيقة والمعطوف من تنزيل الماضي تقديرا.
والتّحقيق أن يقال : إنّ المضارع الّذي يدلّ على الأمر الاستقبالي لا تدخل عليه لو إلّا بتنزيله منزلة الماضي كما تقدم مفصّلا ، وأمّا بتنزيله منزلة الأمر الحالي ابتداء كما في استحضار الصّورة ، وبين التّنزيلين مباينة كلّيّة.
توضيح ذلك أنّ دخول لو على المضارع في الآية المذكورة إمّا لتنزيله منزلة الماضي كما تقدّم في المعطوف عليه ، وإمّا لتنزيله منزلة الأمر الحالي ابتداء ، كما في المعطوف ، بمعنى أنّ مقتضى الظّاهر وإن كان تنزيل الحالة المستقبلة منزلة الحالة الماضية ، ثمّ التّعبير عنها بلفظ الماضي ، لمكان أنّ كلمة لو مختصّة بالماضي ، لكن لم يؤت بما تقتضيه لو ، وعدل عنه إلى الإتيان بالمضارع استحضارا لتلك الحالة المستقبلة ، وجعلها بمنزلة الحالة الحاضرة.
ودعوى تنزيل الأمر الاستقبالي منزلة الأمر الماضوي ثمّ تنزيل الماضي التّأويلي منزلة الأمر الحالي بعيدة جدا ، بل تكلّف بارد لا يرتضيه الطّبع.
لا يقال : لابدّ من الالتزام بالتّنزيلين لتصحيح دخول لو على المضارع ، إذ لو لم ينزّل الأمر الاستقبالي منزلة الماضي لما صحّ دخول لو على (تَرى).