فإذا عرف السّامع زيدا بعينه واسمه ، ولا يعرف (١) اتّصافه بأنّه أخوه ، وأردت أن تعرّفه ذلك ، زيد أخوك ، وإذا عرف أخا له ، ولا يعرفه على التّعيين ، وأردت أن تعيّنه عنده ، أخوك زيد ، ولا يصحّ (٢) زيد أخوك.
______________________________________________________
(١) أي ولا يعرف السّامع اتّصاف زيد بأنّه أخوه ، وأردت أن تعرّف السّامع» ذلك» أي اتّصاف زيد بأنّه أخوه ، زيد أخوك ، وإذا انعكس الأمر انعكس المثال ، يعني إذا عرف السّامع أنّ له أخا ، ولا يعرفه على وجه التّعيين ، وأنت تريد أن تعيّنه عنده بالعلميّة ، فتقول : أخوك زيد ، والفاء في قوله : «فإذا عرف السّامع» للتّفصيل ، أي تفصيل الضّابط المنطبق على ما في المتن والإيضاح ، فمعنى قوله : «ولا يعرف اتّصافه بأنّه أخوه» ، أي سواء عرف أنّ له أخا كما في المتن ، أو لم يعرفه كما في الإيضاح.
(٢) أي بالنّظر للبلاغة ، لأنّ المستحسن في نظر البلغاء لا يجوز مخالفته إلّا لنكتة ، فهو واجب بلاغة وإن لم يكن واجبا عقلا ، فلا يرد ما يقال إنّه لا وجه للحكم بعدم الصّحة لحصول المقصود به أيضا ، وهو كون المتّصف بزيد ، والأخوّة ذاتا واحدا ، غاية الأمر الأولى أن يقال عندئذ : أخوك زيد ، وأمّا وجوبه ، وعدم صحّة زيد أخوك ، فلا وجه له أصلا.
ثمّ إنّ المتحصل من كلام الشّارح على التّقريب المذكور أنّ السّامع على كلّ تقدير يعلم أنّ له أخا ، ويعرف الاسم ويعرف الذّات بعينها ، لكن يعلم اتّصاف تلك الذّات بذلك الاسم ، ويجهل اتّصافها بالأخوّة ، وتارة بالعكس ، فعلى الأوّل يجب أن يقال له : زيد أخوك ، وعلى الثّاني يجب أن يقال له : أخوك زيد ، وهذا الكلام منه متين جدا بنفسه ، وممّا لا غبار عليه إلّا أنّه ليس ضابطا جامعا متكفّلا لجميع صور كون المبتدأ والخبر معرفتين ، وإنّما هو متكفّل لخصوص صورة كون أحدهما معلوما للسّامع بالتّفصيل ، والآخر معلوما له بالإجمال ، ولا يكون متكفّلا لبيان حكم ما إذا كانا معلومين بالتّفصيل ، أو بالإجمال أو كانا غير معلومين له رأسا ، إذ لا يمتنع أن يقال : زيد أخوك لمن لا يعرف أنّ له أخا أصلا ، وكذلك لا يعرف أنّ في الوجود من يسمّى بزيد ، فإنّه من هذا الكلام يستفيد أنّ في الوجود من يسمّى بزيد وهو أخوه ، ومع هذه الفائدة لا وجه للحكم بالامتناع ، أو كان أحدهما معلوما بالتّفصيل والآخر مجهولا رأسا أو كان أحدهما معلوما بالإجمال والآخر مجهولا رأسا.