[بخلاف (١)] ما إذا كان تعلّق فعل المشيئة به غريبا فإنّه لا يحذف (٢) حينئذ (٣) ، كما في [نحو] قوله : (٤)
[ولو شئت أن أبكي دما لبكيته] |
|
عليه ولكن ساحة (٥) الصّبر أوسع |
______________________________________________________
(١) الأظهر والمناسب أن يكون قوله : «بخلاف» متعلّقا بالمثال ، فالمعنى أنّ مثال عدم غرابة التّعلّق ، نحو : (فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ) بخلاف مثال غرابة التّعلّق» نحو : ولو شئت أن أبكي دما لبكيته» ، والمناسب لقول الشّارح» بخلاف ما إذا كان تعلّق فعل المشيئة به غريبا» أن يكون قوله : «بخلاف» متعلّقا بقوله : «ما لم يكن تعلّقه به غريبا» ، بخلاف ما إذا كان تعلّق فعل المشيئة به غريبا ، أي نادرا فالمراد من الغريب هو النّادر.
(٢) أي لا يحسن حذفه كما صرّح به الشّيخ في دلائل الإعجاز ، قال فيه : إذا كان تعلّق فعل المشيئة بمفعوله غريبا ، فحذفه غير مستحسن ، انتهى.
فيعلم من كلامه أنّ المستحسن ذكره ، والمستحسن عند البلغاء في حكم الواجب فلذا قال :
في المطوّل فلابدّ من ذكره.
(٣) أي حين كون تعلّق فعل المشيئة بمفعوله غريبا.
(٤) أي قول أبي يعقوب إسحاق بن حسان بن قوهي ، الشّاعر المعروف بالخريمي ، بالخاء المعجمة والرّاء المهملة ، وقد أخطأ من جعلهما بمهملتين ، كما في كامل المبرّد ، وبمعجمتين كما في الطّبري وغيره ، وقد اشتبه الأمر على الدّسوقي ، فنسب هذه الأبيات إلى أبي الهندام الخزاعي يرثي ابنه الهندام ، كما في الوشاح ، وفي المدرّس الأفضل ، والمطوّل قول : الخزيمي يرثي ابنه ويصف نفسه بشدّة الحزن والصّبر عليه ، أي على ابنه.
وفي بعض التّعاليق إنّه إسحاق بن حسان الخزيمي من شعراء الدّولة العبّاسيّة.
(٥) السّاحة هي أرض واقعة بين الدّور والقصور ، وإثباتها للصّبر استعارة تخييليّة ، ونفس الصّبر من الاستعارة بالكناية ، يعني أنّ الشّاعر شبّه الصّبر في نفسه بالدّور ، في الاشتمال على الوسعة والضّيق ، ثمّ ترك أركان التّشبيه إلّا المشبّه ، وأراد منه معناه ، وأثبت له لازما من لوازم المشبّه به ، أعني الدّار ، وهي السّاحة الأوسع وهو خلاف الضّيق.
والشّاهد : في عدم حذف مفعول المشيئة لغرابة تعلّقها به ،» فإنّ تعلّق فعل المشيئة ببكاء