إذ لا يصحّ ارتفاعها بحرّم المبنيّ للفاعل على ما لا يخفى (١) ، والمعنى (٢) إنّ الّذي حرّمه الله تعالى عليكم هو الميتة ، وهذا يفيد الحصر (٣) ، [لما مرّ] في تعريف المسند من أنّ نحو : المنطلق زيد ، وزيد المنطلق ، يفيد قصر الانطلاق على زيد ، فإذا كان إنّما متضمّنا معنى ما وإلّا ، وكان معنى القراءة الأولى ما حرّم الله عليكم إلّا الميتة ، كانت (٤) مطابقة للقراءة الثّانية ، وإلّا (٥) لم تكن مطابقة لها
______________________________________________________
(١) من فساد المعنى ، لأنّ المستتر في (حرم) عائد إلى الله تعالى ، فلا تكون الميتة فاعلا له ، ولأنّه يلزم أن تكون الميتة هو المحرّم ـ بالكسر ـ ، فيفيد المعنى لأنّ الميتة محرّمة ـ بالفتح ـ ، لا محرّمة ـ بالكسر ـ ، لأنّ المحرّم ـ بالكسر ـ هو الله تعالى.
(٢) أي والمعنى على القراءة الثّانية.
(٣) أي يفيد قصر التّحريم على الميتة ، وما عطف عليها في الآية ، لأنّ الّذي حرّم في قوّة المحرّم المعرّف بلام الجنس ، لما عرفت من أنّ الموصول عن عدم العهد يحمل على الجنس والعموم ، فيفيد القصر لما مرّ في تعريف المسند من أنّ نحو المنطلق زيد ، أي مفيد للحصر ، سواء جعلت اللّام موصولة أو حرف تعريف ، فكما أنّ مثال المنطلق زيد ، يفيد حصر الانطلاق في زيد ، كذلك المقام حيث يفيد حصر التّحريم في الميتة ، لأنّ المعنى إنّ المحرّم عليكم هو الميتة ، وإنّما ذكر زيد المنطلق ، وإن لم يكن مقصودا بالاستشهاد ، إذ المقصود به إنّما هو الأوّل وهو المنطلق زيد ، لأنّ الميتة معرّف بلام الجنس فيفيد قصر الميتة على المحرّم أيضا ، كما في زيد المنطلق.
(٤) كان جواب الشّرط أعني قوله : «فإذا كان إنّما متضمّنا ...» ، وحاصل الكلام في المقام أنّه لمّا ثبت أنّ القراءة الثّانية تفيد القصر فوجب أن تكون القراءة الأولى أعني قراءة النّصب أيضا مفيدة للقصر ، لأنّ القراءة الثّانية يجب أن تكون مطابقة للقراءة الأولى لا مباينة.
(٥) أي وإن لم تكن إنّما متضمّنة معنى ما وإلّا لم تكن القراءة الأولى مطابقة للقراءة الثّانية.