الحامي الذّمار ، إذا حمى (١) ما لو لم يحمه ليم ، وعنّف من (٢) حماه وحريمه (٣). [وإنّما يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي] لمّا كان غرضه (٤) أن يخصّ المدافع (٥) لا المدافع عنه (٦) فصل الضّمير ، وأخّره (٧) إذ (٨) لو قال : وإنّما أدافع عن أحسابهم لصار المعنى أنّه يدافع عن أحسابهم لا عن أحساب غيرهم ، وهو ليس بمقصوده. ولا يجوز (٩) أن يقال : إنّه محمول على الضّرورة ، لأنّه كان يصحّ أن يقال : إنّما
______________________________________________________
(١) أي حفظ ما لم يحفظه ليم ، أي ذمّ وشدّد عليه.
(٢) بيان لما في قوله : «ما لو لم يحمه» والحمى بالكسر ، ما يحميه الإنسان من مال أو نفس.
(٣) أي أقاربه ، في أقرب الموارد حريم الرّجل ما يحميه ويقاتل عنه ، ولذا سمّيّت نساء الرّجل بالحريم.
(٤) ملخّصه أنّه إذا أخّر الضّمير بعد فصله كان الضّمير محصورا فيه ، لأنّ المحصور فيه يجب تأخيره في إنّما ، فيكون المعنى حينئذ لا يدافع عن أحسابهم إلّا أنا لا غيري ، وهذا لا ينافي مدافعته عن أحساب غيرهم أيضا ، ولو أخّر الأحساب لكانت محصورا فيها ، وكان الواجب حينئذ وصل الضّمير وتحويل الفعل إلى صيغة المتكلّم ، وكان المعنى إنّما أدافع عن أحسابهم لا عن أحساب غيرهم ، ولمّا كان غرض الفرزدق الأوّل دون الثّاني ارتكب التّعبير الأوّل المفيد له ، وعلمنا أنّ غرضه هذا من قرينة المدح.
(٥) أي على صيغة اسم الفاعل ، فالقصر في البيت من قصر الصّفة على الموصوف.
(٦) أي الأحساب.
(٧) أي فصل الضّمير اختيارا ، وأخّره عن الأحساب لوجوب تأخير المحصور فيه عن المحصور في إنّما.
(٨) علّة لمحذوف ، والتّقدير لو أخّر الأحساب ، وأوصل الضّمير بالفعل لفات الغرض ، إذ لو قال : إنّما أدافع عن أحسابهم ... وهو ليس بمقصوده لما فيه من القصور في المدح مع أنّ المقام مقام المبالغة ، لأنّه في معرض التّفاخر.
(٩) أي لا يجوز أن يقال في منع الاستشهاد بالبيت ، وحاصله أنّ ما ذكرتموه من أنّ فصل الضّمير ، وتأخيره دليل على الحصر غير صحيح ، لأنّ ذلك الفصل إنّما هو لتقدير فاصل ،