قائم بالهواء ، إذ لو قام بالقارع والمقروع لزم كونه نسبيا ، وبحث فى هذا بأنه يلزم فيه أن لا تدرك جهة الصوت ، وأجيب بما ذكره فى محله ، وإنما شرط فى القرع كونه عنيفا أى : شديد الأنك لو وضعت حجرا على آخر بمهل لم يحصل تموج ولا صوت ، ويشترط فيه أيضا مقاومة بين المقروع والقارع أى : الملاقى بفتح القاف والملاقى بكسرها بأن يكون كل منهما قويا صلبا ، إذ لو كان ضعيفا غير صلب كالصوف المندوف المتراكم يقع عليه حجر أو خشب لم يحصل صوت ، وبحسب القوة والضعف فى المتقارعين يقوى الصوت ويضعف ، وأما الثانى وهو القلع الذى هو تفريق عنيف فهو على وجهين تفريق متصلين بالأصالة كتقطيع الخيط الصحيح ، وتفريق قطعة خشبة عن أخرى ، وتفريق متصلين اتصالا عارضا كجذب رجل غائص فى الطين منه ، فإذا وقع التفريق فيهما بعنف تموج الهواء أيضا على الوجه السابق ، وإنما شرط فيه العنف أى كونه بشدة ؛ لأنه لو وقع بتمهل بأن قطع الخيط شيئا فشيئا وجذب الرجل بتدريج لم يحصل تموج ولا صوت ، ويشترط فيه مقاومة المقلوع للقالع أى المقلوع عنه للمقتلع فى القوة مع شدة الاتصال ، فلذلك لو قلعت ريشة خفيفة من طائر ولو مع الاتصال وعنف القلع لم يحصل صوت ، وبحسب تلك المقاومة وضعفها يقوى الصوت ويضعف ، فإن قلع رجل الصبى الغائص من الطين ليس كقلع الكبير وإن اتحد القلع عنفا ، بل إذا ضعف المتقاومان ولو استويا ضعف الصوت أيضا كقطع خيط ضعيف ، وقولنا : إن التموج سبب الصوت لا ينافى ما عند أهل السنة من أن الأصوات بخلق الله تعالى ؛ لأن التسبب عادى (أو بالذوق) أى : ومن جملة الكيفيات الحسية الجسمية ما يدرك بحاسة الذوق وهى صفة قائمة باللسان تدرك بها النفس طعم المطعومات ، ويعرف عنه الحكماء بما يرجع لذلك وهو أنه قوة أى صفة إدراك منبثة أى منبسطة فى العصب المفروش على جرم اللسان ووصفها بالانبثاث ، وإن كان الانبثاث فى أصله مخصوصا بأجزاء الجرم ؛ إذ هو جعل الشيء منبسطا عاما لأماكن إشارة إلى أن تلك القوى موجودة فى كل جزء من أجزاء العصب المفروش على جرم اللسان ؛ وإنما لم يقل المنبثة فى جرم اللسان ؛ لأن الواقع فى التشريح على جرم اللسان عصبا هو محل تلك القوة ، ثم بين ما يدرك