بالذوق بقوله (من الطعوم) يعنى الكيفيات الموجودة فى المطعومات ، ولها أوائل ثمانية منها الحلاوة ، وهى أقوى البواقى ملاءمة للذائقة وأشهاها لديها ، ومنها الدسومة وتليها فى الملاءمة ، وذلك كطعم اللحم والشحم والأدهان الملائمة ، ومنها المرارة ، وهى أقواها منافرة للذائقة ، ومنها الحرافة وفيها أيضا منافرة للذائقة ، إذ هى طعم فيه لذع ما ، ومنها الملوحة وهى فى رتبة التنفير بين المرارة والحرافة ، ولذلك تارة توجد مائلة للمرارة وتارة توجد مائلة للحرافة ، ومنها العفوصة وهى منافرة أيضا للذائقة وهى قريبة من المرارة ، بل هى نوع منها كطعم العفص المعلوم ، ولهذا قال فى القاموس : العفص : المرارة والقبض ، ومنها الحموضة وفيها تنفير أيضا وهى معلومة ، ومنها القبض وهو فى منافرة الذائقة فوق الحموضة وتحت العفوصة ، ولهذا يقال : إن العفوصة تقبض ظاهر اللسان وباطنه والقبض يقبض ظاهره فقط ، فهذه ثمانية هى أوائل المطعومات ، وقد تبين أن غير الحلاوة والدسومة منها تشترك فى مطلق المنافرة للذائقة ولو تفاوتت فيها ، ومتى لم تنافر فلفساد المزاج ، وأما عد التفاهة منها فغير مرضى إذ هو عدم الإحساس بطعم المذوق لبعض الأجسام فإنها عند اتصال الذائقة بها لا يحس منها بطعم ، وكل ما سوى هذه من المطعومات وهى أنواع لا تنتهى فمركبة من هذه المزازت المركبة من الحلاوة والحموضة وكلما خلط مطعوم بآخر حدث طعم آخر ، وفيما أشير إليه من المطعومات أبحاث موكولة لمحالها ، فإذا أريد التشبيه فى المذوق قيل : هذا الطعام كالعسل فى الحلاوة ، وهذا كالصبر فى المرارة ، وقس على هذا (أو بالشم) أى ومن جملة الكيفيات الحسية الجسمية ما يدرك بحاسة الشم ، وهو معنى قائم بباطن الأنف تدرك به الروائح ، وهذا هو المتبادر الجارى على الألسن من معناه ، ويفسر عند الحكماء ـ بناء على ما اقتضاه التشريح ـ بأنه هو قوة أى : صفة إدراك كائنة فى زائدتى مقدم الدماغ حلمتين زائدتين هنالك شبيهتين بحلمتى الثديين فهما بالنسبة لمجموع الدماغ بخريطته كالحلمتين بالنسبة إلى الثديين ، فالقوة الشمية قائمة بتينك الزائدتين كل منهما يقابل ثقبة من ثقبتى الأنف ، وعلى هذا فلا إدراك فى الأنف وإنما هو واسطة ، بدليل أنه إذا انسد من داخل انقطع إدراك المشموم ولو سلم نفس الأنف من الآفات ، ثم بين المدرك بهذه الحاسة بقوله (من