أول اللمس ، بخلاف غيرها مما يأتى فإنها إنما تدرك باللمس مع زيادة خصوصية أخرى فى اللمس ، فإن اللزوجة مثلا يحتاج فى إدراكها إلى التشكل والجذب الزائدين على مجرد اللمس لتعلم سهولة الأول وصعوبة التفريق بالثانى ، وكذا الخفة والثقل يحتاج إلى زيادة الاندفاع ليعلما باللمس ، وأما الخشونة والملاسة فهما من صفات الوضع المدركة بالبصر فلم يعدا من أوائل هذه مع إدراكهما بأول اللمس ، وبهما يعلم أن الكيفية قد تكون منسوبة لحسيين والكلام فيما يختص باللمس ، وأيضا تسمى أوائل لأنها فى الأجسام البسيطة التى هى أوائل المركبات ، (و) من (الخشونة) وهى كيفية حاصلة من كون بعض الأجزاء أى : أجزاء الجسم أخفض وبعضها أرفع ، وتلك الكيفية خروشة تدرك عند اللمس ، ويدرك بالبصر ملزوم تلك الخشونة ، وهى كون الأجزاء على الوضع المخصوص من نتوء البعض وانخفاض الآخر على وجه مشاهد مخصوص ، وبذلك الاعتبار تسمى وضعية ، (و) من (الملاسة) وهى كيفية حاصلة عن استواء الأجزاء ، أى : أجزاء الجسم فى الوضع مع الالتصاق فهى أيضا باعتبار كونها على ذلك الوضع المخصوص الذى له مراتب وضعية مشهودة بالبصر ، وباعتبار الإحساس عند اللمس بسلاسة فى مرور الماس على سطح الممسوس بحيث لا يلتذع بما يمر به تسمى ملموسة ، (و) من (اللين) وهى كيفية تقتضى قبول الغمز أى التداخل إلى الباطن ويكون للشيء القائمة هى به قوم ، أى : جواهر فيها تماسك غير سيال ، فالماء على هذا ليس له لين ؛ لأن قوامه أى : جواهره فيها تماسك مع السيلان ، فيدخل فى الصلابة وهو بعيد. (و) من (الصلابة) وهى تقابل اللين ، فهى كيفية تقتضى قبول الانغماز أى : التداخل إلى الباطن ، فالأولى ككيفية العجين ، والثانية ككيفية الحجر والخبز اليابس ، (و) من (الخفة) ، وهى كيفية تقتضى فى الجسم أن يتحرك إلى صوب ، أى : جهة المحيط لو لم يعقه عائق كالريش الخفيف مثلا ، فإنه لو لا العائق لارتفع إلى العلو ، (و) من (الثقل) ، وهى كيفية تقتضى فى الجسم أن يتحرك إلى صوب المركز لو لم يعقه عائق كالرصاص المحمول ، فإنه لو لا حمله لتنزل إلى السفل ، وشبهوا العلو بمحيط الدائرة والسفل بمركزها لارتفاع المحيط عن المركز فى الجملة ، ولذلك قالوا فى الأول لصوب المحيط ،