هو الضوء ، والمستور ـ الظاهر بعد إزالة الضوء هو ـ الظلمة كما أن الساتر في جانب المشبه به هو الجلد ، والمستور هو اللحم وبيان ذلك التشبيه المقتضى لما ذكر أن الظلمة كما تقدم هى الأصل ؛ لأن مرجعها إلى عدم الظهور وعدم ظهور الحادث سابق على ظهوره والنور طارئ عليها فهو يسترها أى : يزيلها بضوئه أى : بإشراقه ، وهو كونه بحيث يظهر به ما اتصل به والنور سببه العادى هو الشمس فإذا وجدت وجد وطرأ على الظلمة وإذا غربت ذهب النور عن الظلمة ووضحت الظلمة ، فصار ذهابه لاستعقابه ظهور مستور بمنزلة كشط الجلد عن الشاة إذ الجلد ساتر ولحمها مستور يستعقب ظهوره بعد الإخفاء كشط الجلد عنه ، كذهاب الضوء ، وإذا كانت الظلمة هى الآتية عقب ذهاب نور النهار المستعار له كشط الجلد عن الشاة لأنه كهو في استعقاب مستور هو لحم الشاة في الثاني والظلمة في الأول صح بعده فإذا هم مظلمون ، ولا يقال ذهاب الضوء لا يتأخر عنه ظهور الظلمة حتى يكون عقبه ؛ لأنا نقول ذهاب الضوء وظهور الظلمة مفهومان مختلفان. وهب أنهما حصلا في وقت واحد وتحققا معا كتحقق نفى العدم مع وجود الحادث ، لكن لما تعقل أحدهما تعقل الثاني مرتبا عليه في الإدراك نزل ذلك منزلة الترتب الزماني ، ولما لم تكن هناك مهلة صلحت الفاء في المترتب ولا يقال ذهاب الضوء مشعر بوجود الظلمة ، فهب أن بينهما ترتبا عقليا يصح به وجود الفاء ولو اتحد زمانهما في الخارج لكن إشعار الذهاب بالظلمة ينافي المفاجأة ، لاقتضائها عدم خطور المفاجأة كما تقتضى أنه مما له خطر ؛ لأنا نقول فن البلاغة مبنى على تحقق أو نزل منزلة المتحقق فعظمة أمر الليل وعمومه أوجبت تنزيله منزلة ما لا يخطر بالبال ، فإن الشىء إذا عظم خطره يقال بدا لي منه أمر لا يخطر بالبال على وجه المبالغة ، ولو خطر ذلك الأمر بالبال فالمفاجأة نقول على هذا استعملت فيما من شأنه أن يخطر تنزيلا له منزلة ما لا يخطر لعظمته وعزة شأنه. فعبارة المصنف فيما اقتضته على هذا لا يرد عليها شىء ؛ لأن الواقع بعد المستعار له هذا الإظلام وهو صحيح عليها إذ المستعار له عنده هو ذهاب الضوء عن مكان الليل والواقع بعده هو الإظلام على ما قررنا.