(وإما مختلف) عطف على قوله إما حسى أى : إن كان الطرفان حسيين فالجامع إما حسي كله أو عقلى كله ، أو مختلف بعضه حسى وبعضه عقلى ، وإنما يتأتى الاختلاف عند التعدد وذلك (كقولك رأيت شمسا وأنت) أى : والحال أنك (تريد) بلفظ الشمس (إنسانا كالشمس) وتعتبر أنك إنما استعرت الشمس لذلك الإنسان بعد تشبيهه به (في) وصفين (حسن الطلعة) أى : حسن الوجه وسمى الوجه طلعة ؛ لأنه هو المطلع عليه عند الشهود والمواجهة ، وقد تقدم أن الحسن يرجع إلى الشكل واللون وهما حسيان فيكون حسن الطلعة المعتبر في التشبيه حسيا (ونباهة الشأن) أى : ارتفاع الشأن عند النفوس ، وعلو الحال في القلوب وهذه النباهة يحتمل أن يراد بها العزازة التى تحدث في النفوس بسبب حسن الطلعة وجمال المنظر فتكون لازمة للوصف قبلها ، ويحتمل أن يراد بها العزازة الحاصلة بأوصاف أخرى توجب ارتفاع الصيت وشهرة الذكر والوضوح عند العام والخاص ، والارتفاع على الأقران وتلك الأوصاف مثل الكرم والعلم والنسب وشرف القدر فتكون مستقلة عن حسن الطلعة وبكل تقدير فهى عقلية إذ لا يخفى أنها بمعنى استعظام النفوس لصاحبها ، وكونه بحيث يبالى به لرفعته وذلك أمر غير محسوس فمجموع هذا الجامع بعضه الأول حسى وبعضه الثاني عقلى ومن اعتبر أن نقل اللفظ يصح بكل منهما على الانفراد جعل هذا القسم استعارتين أحدهما : بجامع حسى والأخرى بجامع عقلى فأسقط عده في هذه الأقسام لعوده إلى الجامع العقلى أو الحسى. ومن اعتبر صحة النقل باعتبارهما عده كالمصنف وهو الحق كما عد التشبيه (وإلا) يكن الطرفان حسيين فهو وجوابه معطوفان على قوله فإن كانا حسيين عطف الجمل وجوابه قوله (فهما) أى : إذا لم يكن الطرفان حسيين فذانك الطرفان حينئذ (إما عقليان) معا ويلزم أن يكون الجامع بينهما عقليا لعدم صحة قيام المحسوس بالمعقول كما تقدم ثم مثل للمعقولين فقال (نحو) قوله تعالى حكاية عن قول الكافرين يوم القيامة (مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا) (١) والمرقد يحتمل أن يكون مصدرا ميميا بمعنى الرقاد ، ويحتمل أن يكون اسم مكان أى مكان الرقاد فإن أريد الأول فلا شك أن
__________________
(١) يس : ٥٢.