المعاني المخصوصة قال وإلا لما كانت حروفا بل أسماء ، يعني لو وضعت لها لتفيدها استقلال من غير قصد التوسط بها لغيرها وذلك الغير هو المعنى الخاص كما ذكرنا لصح الحكم عليها كالأسماء ؛ لأن الاسمية والحرفية ليستا مختلفتين باعتبار اللفظ فقط لصحة أن يكون اللفظ الواحد حرفا واسما لمعنيين ، وإنما تختلفان باعتبار المعنى أي باعتبار أن معنى كل منهما مغاير لمعنى الآخر ، إذ لو كان ما فسر به أحدهما هو ما فسر به الآخر من كل وجه لزم فيه ما لزم في الآخر لكن يمتنع صحة الحكم على معنى الحرف فعلم أنه اعتبر فيه التوسطية لغيره ؛ لأن ذلك هو المانع من الحكم كما ذكر في مثال المرآة.
قال (وإنما هي) أي تلك الأمور التي تفسر بها الحروف تفسيرا يظهر به أنها موضوعاتها من غير اعتبار حالة أخرى تفارق بها الأسماء في معانيها (متعلقات لمعانيها) أي تلك متعلقات أي ملابسة لمعانيها التي اعتبر التوصل إليها التي هي المخصوصة كتعلق الخاص بالعام بمعنى أن الحروف إذا أفادت معاني عند الاستعمال ، وهي التي قصد التوصل إليها عند الوضع ردت تلك المعاني إلى هذه بنوع من الاستلزام وهو استلزام الأخص للأعم فمن مثلا وضع لمطلق الابتداء من غاية ما ليتوصل بذلك إلى كل ابتداء مخصوص فعند الاستعمال في قولك ـ مثلا ـ : سرت من البصرة إلى الكوفة ؛ يفيد ابتداء سيرك من البصرة إلى الكوفة ؛ لأنه هو المقصود ليتوصل إليه أو إلى مثله من الخصوصيات فيرد هذا المعنى إلى مطلق الابتداء بأن يقال هو لابتداء الغاية ؛ لأن ذلك الأخص يستلزم هذا الأعم وقد تقدم تحقيق هذا غير ما مرة كررناه ليتضح ؛ ولأن هذا محله فعلى هذا فقول المصنف في تمثيل متعلق معنى الحرف (كالمجرور في) نحو قولك (زيد في نعمة) ليس بصحيح ؛ لأن النعمة ليست متعلق معنى الحرف بهذا الاعتبار ضرورة أنه هو الظرفية والنعمة ليست نفس الظرفية وحمله على معنى كمطلق متعلق المجرور في قولك زيد في نعمة ، وذلك أن هذا المجرور له متعلق خاص وهو ملابسه أعني وصف النعمة أي ملابستها زيدا فيكون مطلق المتعلق مطلق ملابسة شيء لشيء ولا شك أن تلك الملابسة هي المشبهة بالظرفية التي هي متعلق معنى الحرف في وجه هو اختصاص شيء بشيء واشتماله عليه في الجملة فيعود الكلام إلى ما تقدم من أن التشبيه