السماء سوء أدب لما فيه من نفي الحاجة إلى الرحمة السماوية ، والتوجه له بالدعاء على أن المراد المبالغة المجوزة في المستحيلات لا الإخبار بالحقائق حتى يكون هنا سوء أدب أو غيره تأمله.
(ونحوه) أي : ونحو ما ذكر وهو أنه يبني على علو القدر المستعار له ما يبني على علو المكان المستعار منه لأجل تناسي التشبيه حتى كأنه لا يخطر غير المشبه به (ما مر) في صدر هذا الباب (من التعجب في قوله :
قامت تظللني ومن عجب |
شمس تظللني من الشمس |
وإنما كان هذا التعجب نحو ما ذكر من البناء في وجه وهو أن إيجاد هذا التعجب لو لا تناسي التشبيه لم يوجد له مساغ ، كما أن إيجاد ذلك البناء لو لا التناسي لم يكن له معنى كما تقدم بيانه وتحقيقه في التعجب كما تقدم ما علم من أنه لا عجب في تظليل إنسان كالشمس من نفس الشمس الحقيقية وإنما يتحقق التعجب في تظليل الشمس الحقيقية من الشمس المعلومة ؛ لأن الإشراق مانع من الظل فكيف يكون صاحبه موجبا للظل ومعلوم أنه لو لا التناسي ما جعل ذلك الإنسان نفس الشمس ليتعجب من تظلليله بل شبيه بها (و) نحو ما ذكر من البناء أيضا ما مر من (النهي عنه) أي عن التعجب في نحو قوله :
لا تعجبوا من بلى غلالته |
قد زر أزراره على القمر |
فإن القمر الحقيقي هو المعتاد لبلى الغلالة فلا يتعجب من بلاها معه لا الإنسان المشبه بالقمر وكونه جعل المستعار له قمرا حقيقيا إنما هو لتناسي التشبيه حتى كأن الموجود في الخارج والخاطر في القلب هو القمر الحقيقي وإلا فالتشبيه يبقى الأصل المنافي للنهي عن التعجب ؛ لأن من جملة ما يتعجب منه بلى غلالة إنسان كالقمر إن كان ذلك سريعا فلا معنى للنهي عن التعجب ما دام التشبيه متذكرا لانبائه عن الأصل الذي تقرر فيه التعجب ، ثم إن التعجب هنا سببه إثبات ما لا يناسب الفرع الذي هو المستعار منه والنهي عنه سببه كون المثبت مناسبا له فاختلفا في ثبوت المناسبة ونفيها وهو ظاهر ولما كان هذا مظنة أن يقال حاصل ما ذكر بناء ما للفرع على الأصل ، وبناء ما للفرع على الأصل من باب جعل ما ليس بالواقع واقعا وهو كالكذب فما