وجودي ، فالتنافي بينهما اعتباري ، وكأنه لم يجعلهما من الملحق الآتي لإشعارهما من جهة اللفظ بالحياة والموت بخلاف الملحق ، كما يأتي فى (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ)(١) و (اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) في الآية الكريمة مما يشبه تقابلهما تقابل التضاد للإشعار بالظلمة والنور اللذين هما كالبياض والسواد.
(أو) يكونا (حرفين) معا (نحو) قوله تعالى (لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ)(٢) لأن اللام تشعر بالملكية المؤذنة بالانتفاع وعلى تشعر بالعلو المشعر بالتحمل والثقل المؤذن بالتضرر ، فصار تقابلهما كتقابل النفع والضر وهما ضدان ، وعبر بالاكتساب في جانب الشر ، لأن الافتعال يؤذن بالتعمل ، والتكلف بالتطلب ، والنفس في طلب المعصية المقتضية للشر لا تخلو عن شهوة ، فلعلها في المعصية تعمل وتطلب ، والمعنى أن النفس لا ينتفع بطاعتها غيرها ، ولا يتضرر بمعصيتها غيرها ، وبه يعلم أن التقدير لها نفع : أي ثواب ما كسبت من الطاعة ، وعليها ضرر أي : عذاب ما اكتسبت من المعصية.
(أو) يكون بلفظين (من نوعين) من أنواع الكلمة الثلاثة والمتصور عقلا في كونه من نوعين ثلاثة أقسام : أن يكون أحدهما اسما والآخر فعلا ، أو يكون أحدهما اسما والآخر حرفا ، أو يكون أحدهما فعلا والآخر حرفا ، لكن الموجود من هذه الثلاثة واحد ، وهو ما يكون فيه أحدهما اسما والآخر فعلا (نحو) قوله تعالى (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ)(٣) فقد عبر عن الموت بالاسم ، وعن الإحياء المتعلق بالحياة بالفعل ، ولا يخفى أن التقابل هنا اعتباري وأن المعنى مجازي أي : ضالا فهديناه فتقابل الإحياء للموت باعتبار تعلقه بالحياة التي هي ضد ، أو ملكة للموت على ما تقدمت الإشارة إليه.
ثم أشار إلى تنويع آخر في الطباق فقال أنواع الطباق (وهو) أي : الطباق باعتبار الإيجاب والسلب (ضربان) أحدهما (طباق الإيجاب) بأن يكون اللفظان
__________________
(١) الفتح : ٢٩.
(٢) البقرة : ٢٨٦.
(٣) الأنعام : ١٢٢.