الفلول جمع فل ، وهو الكسر يصيب السيف في حده ، وهو القاطع منه ، والكتائب جمع كتيبة وهي الجماعة المستعدة للقتال جيشا كانت أو بعضه ، وتكون خيلا مؤخرة عنه أو خيلا أغارت من المائة إلى الألف ، وقراعها مضاربتها عند اللقاء فقوله لا عيب فيهم نفي لكل عيب ونفي كل عيب مدح ثم استثنى من العيب المنفي كون سيوفهم مفلولة من مضاربة الكتائب ، على تقدير كونه عيبا (أي إن كان فلول السيف عيبا) ثبت العيب وإلا فلا (فأثبت) بصيغة الماضي أي أثبت الشاعر (شيئا منه) أي من العيب (على تقدير كونه) أي الفلول (منه) أي من العيب (وهو) أي هذا المقدر ، وهو كون الفلول من العيب (محال) لأنه إنما يكون من مصادمة الأقران في الحروب ، وذلك من الدليل على كمال الشجاعة (فهو) أي فتعليق إثبات شيء من العيب على كون الفلول عيبا (في المعنى تعليق بالمحال) والمعلق على المحال محال ، وقد تقدم أن إفادة التعليق بالمحال هو السر في تقدير الاتصال.
قيل إن قوله على تقدير كونه منه أي من العيب زيادة تأكيد وتوضيح لقوله : إن كان فلول السيف عيبا ، ورد بأنه إنما يلزم ذلك إن قريء أثبت بصيغة المضارع ، فيكون من تتمة كلام الشاعر. وأما إن قريء بصيغة المضي فهو من كلام المصنف إخبارا عما أراد الشاعر ، فلا يكون تأكيدا. نعم مجموع أثبت إلى آخره توكيد وتوضيح لمضمون كلام الشاعر. تأمله.
ومثل هذا التعليق بالمحال أن يقال مثلا : لا أفعل كذا حتى بيض القار أي : الزفت وحتى يلج الجمل أي : يدخل في سم الخياط أي : في ثقب الإبرة ؛ لأنه في تأويل الاستثناء على التعليق ؛ لأن المعنى لا أفعله على وجه من الوجوه ، إلا إن ثبت هذا الوجه وهو أن يبيض القار ، أو يلج ، في السم. وثبوت هذا الشرط محال ، ففعل ذلك الشيء محال.
(فالتأكيد فيه) أي في هذا الضرب وهو أن يستثنى من صفة ذم منفية صفة مدح على تقدير دخولها فيها (من) جهتين (جهة أنه) أي إثبات المدح فيه (كدعوى الشيء ببينة) أي كإثبات المدعي بالبينة ، وإنما قال كدعوى الشيء ببينة ولم يقل إنه نفس