إذا أسقط ذلك الزائد حصل الجناس التام هكذا ذكروا ، وهو يقتضي أن الجناس الناقص يشترط فيه أن يكون الباقي بعد إسقاط المزيد مساويا للفظ الآخر في جميع ما تقدم ، وانظر لم لا يقال : إن ساواه في كل ما تقدم فناقص التام أو في غير الهيئة فناقص المحرف أو في غير القلب فناقص المقلوب (سمى) أي : إن وقع الاختلاف في العدد سمى هذا الجناس (ناقصا) لنقصان أحد اللفظين عن الآخر في الحروف الموجودة فيه ، والأقسام العقلية هنا ستة ؛ لأن الزيادة إما أن تحصل بحرف واحد ، وإما بأكثر ، وكلاهما إما أولا وإما وسطا وإما آخرا ، فالمجموع ستة من ضرب ثلاثة محال المزيد في نوعي المزيد من اتحاد وتعدد مثل المصنف بثلاثة أقسام المزيد الواحد ، ولم يمثل من أقسام المزيد الأكثر إلا بالمزيد آخرا وإلى هذا أشار بقوله (وذلك) الاختلاف (إما) بزيادة (حرف) واحد (في الأول) أي : في أول اللفظ المجانس (نحو) قوله تعالى (وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ* إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ) (١) فالميم في المساق زيد أولا ، والباقي مجانس لمجموع المقابل كما رأيت.
(أو) بزيادة الحرف الواحد (في الوسط نحو جدي جهدي) بفتح الجيم فيهما مع زيادة الهاء وسطا في الثاني كما رأيت والباقي بعد إسقاطها مجانس جناسا تاما للمقابل إذ لا عبرة بشد الدال كما تقدم أن المشدد هنا كالمخفف والجد بفتح الجيم الغنى والحظ ، وأما الجد الذي هو أبو الأب فليس مرادا هنا ، والجهد بفتحها المشقة والتعب والتركيب يحتمل وجهين أحدهما أن يكون المعنى إن حظى وغناي من الدنيا مجرد إتعاب النفس في المكاسب من غير وصول إليها ويكون (تشكيا وإخبارا بأنه لا يحصل من سعيه على طائل والآخر أن يكون المعنى إن حظى من الدنيا وغناي فيها هو بمشقتى وجهدي لا بالوراثة عن الأب والجد ويكون إخبارا بالنجابة في السعي وأنه لا يتوقف في تحصيل الغني على وراثة تأمله.
(أو) بزيادة حرف (في الآخر) أي في آخر المجانس ولا يخفى أن المراد بالزيادة هنا كون الحرف لا مقابل له من المجانس لا كونه من غير الأصول وأن المراد بالآخر
__________________
(١) القيامة : ٢٩ ، ٣٠.