(أو) يوجدا (في الوسط) أي في وسط المتجانسين (نحو) قوله تعالى (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ) (١) أي يبعدون عنه فينهون وينأون بينهما تجنيس المضارعة ؛ لأن الهاء والهمزة وهما المتباينتان في اللفظين متقاربتان إذ هما حلقيتان معا وقد وجدا في الوسط فكان قسما آخر.
(أو) يوجدا (في الآخر) أي : في آخر المتجانسين (نحو) قوله صلىاللهعليهوسلم (الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة) (٢) فبين الخيل والخير تجنيس المضارعة لتقارب مخرج الراء واللام إذ هما من الحنك واللسان ، وهما آخر (٣) فكان الجناس معهما قسما آخر أيضا ، فالأمثلة من المضارع لتقارب مخارج حروفها المتباينة كما بينا (وإلا) أي : وإن لم يكن الحرفان المتباينان متقاربين لتباعدهما في المخرج (سمى) الجناس بين اللفظين (لاحقا) ؛ لأن أحد اللفظين ملحق بالآخر في الجناس باعتبار جل الحروف (وهو) أي : الحرف الذي وقع فيه التباين بلا تقارب في المخرج هو (أيضا إما) أن يكون (في الأول) أي : أول المتجانسين (نحو) قوله تعالى (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ)(٤) وهمزة فعلة من الهمز ، وهو الكسر ، وكذا لمزة من اللمز بمعنى الطعن وشاع استعمال الهمز في الكسر في أعراض الناس ، وكسر العرض هتكه ، وإبطاله بإلزام العيب كما شاع استعمال اللمز في الطعن في الأعراض ، والطعن في العرض إلحاق العيب بصاحبه ، وبناء فعله بضم الفاء وفتح العين يدل على اللزوم والاعتياد ؛ لأن هذا الوزن يدل في العربية على ذلك ولا يكفى في بناء ذلك الوصف وقوع المشتق منه في الجملة.
(أو) يكون ذلك الحرف (في الوسط) أي : في وسط المتجانسين (نحو) قوله تعالى (ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ) (٥) فتفرحون وتمرحون بينهما جناس الإلحاق لاتحاد نوع حروفهما إلا الميم والفاء وهما غير
__________________
(١) الأنعام : ٢٦.
(٢) الحديث متفق عليه ، رواه البخارى فى" الجهاد" ، ومسلم فى" الإمارة".
(٣) أى : آخر حرفين في اللفظين المتجانسين.
(٤) الهمزة : ١.
(٥) غافر : ٧٥.