الآخر (سمى) أي : إن وقع الاختلاف في الترتيب سمى ذلك النوع من الجناس (تجنيس القلب) لوقوع القلب أي : عكس بعض الحروف في أحد اللفظين بالنظر إلى الآخر وهو قسمان أحدهما أن يقع العكس في مجموع الحروف (نحو) قول القائل (حسامه) أي : سيف الممدوح (فتح لأوليائه) إذ به يقع لأوليائه الفتح والنصر و (حتف لأعدائه) إذ به يقع حتف أعدائه أي : موتهم.
(ويسمى) هذا القسم (قلب كل) لانعكاس ترتيب الحروف كلها ؛ لأن ما كان في أحد اللفظين مقدما صار مؤخرا في الآخر ، وما كان مؤخرا فيه صار مقدما في الآخر وفيه نظر ؛ لأن التاء وقعت في اللفظين في مكانها وهو الوسط.
(و) القسم الثاني أن يقع في بعض الحروف (نحو) قولهم (اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا) (١) فالألف والتاء والنون في عوراتنا وروعاتنا في محالها ، وإنما وقع العكس في العين والواو والراء والواو أيضا هنا في مكانها وكأنهم لم يعتبروا في القلب الوسط (ويسمى) هذا القسم (قلب بعض) لوقوع التبديل في بعض حروف اللفظين كما رأيت.
وقد يقال التجنيس على توافق اللفظين في الخط كيسقين ويشفين في قوله تعالى (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ* وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ* وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ)(٢) ويسمى تجنيسا خطيا ومن أنواع التجنيس أيضا تجنيس الإشارة وهو أن يشار إلى اللفظ المجانس بما يدل عليه كقوله :
حلقت لحية موسى باسمه
فقد أشير بقوله باسمه إلى موسى بمعنى آلة الحلق وهو مجانس لموسى العلم والمراد بموسى رجل مسمى به في الجملة وتمامه :
وبهارون إذا ما قلبا
__________________
(١) الحديث جاء مرفوعا إلى النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، ولكن بلفظ الإفراد : " اللهم استر عورتى ، وآمن روعتى ، واقض دينى" وهو حسن ، أخرجه الطبرانى في الكبير عن خباب ، وانظر صحيح الجامع (ح ١٢٦٢).
(٢) الشعراء : ٧٨ ، ٨٠.