فمغرما الأول في آخر الشطر الأول وهو مكرر مع مغرما في العجز ، والمغرم بالشيء هو المولع به والكواعب جمع كاعب وهي الجارية ، حين يبدو أي : يظهر ثديها في النهود أي في الارتفاع والقواضب جمع قاضب وهو السيف القاطع وهذه القضية شرطية اتفاقية لأن الولوع بالكواعب يتوهم عمومه للطبيعة الإنسانية ، فبين أنه اتفق له خلاف ذلك وأن من كل مولعا بالكواعب فهو بخلافه وأنه مولع بالسيوف واستعمالها في محالها في الحروب (و) رابعها وهو ما يكون فيه المكرر الآخر منهما في صدر المصراع الثاني ك (قوله :
وإن لم يكن إلا معرج ساعة |
قليلا فإني نافع لي قليلها) (١) |
فقليلا الأول في صدر المصراع الثاني وهو مكرر مع قليلها في العجز ، ولا تضر الهاء في كونه في العجز لما تقدم أن الضمير المتصل حكمه حكم ما اتصل به ، والمعرج بفتح الراء اسم مصدر عن عرج بشد الراء على الشيء إذا أقام عليه وهو خبر لاسم كان الذي هو ضمير يعود على الإلمام الذي هو النزول بالشيء المفهوم من البيت قبله وهو قوله :
ألما على الدار التي لو وجدتها |
بها أهلها ما كان وحشا مقيلها |
أي : وإن لم يكن ذلك الإلمام وذلك النزول إلا معرج أي إقامة ساعة فهو نافع لي والإخبار عن الإلمام بالتعريج صحيح من الإخبار بالأخص عن الأعم ؛ لأن الإلمام الذي هو مطلق النزول أعم من التعريج الذي هو نزول مع استقرار ، وقوله : قليلا نعت مؤكد لمعرج ساعة ؛ لأنه يلزم من كونه تعريج ساعة قلته ، ويحتمل أن يكون وصفا مقيدا بناء على الاتساع في الساعة ، أي : وإن لم يكن التعريج إلا تعريجا قليلا في ساعة من الساعات النهارية والليلية فهو نافع ، وقوله : قليلها يحتمل أن يكون مبتدأ وخبره نافع والجملة خبر إن ويحتمل أن يكون فاعلا بنافع وهو خبر إن ، والمعنى إني أطلب منكما أيها الخليلان أن تساعداني في الإلمام بالدار التي ارتحل عنها أهلها فصارت
__________________
(١) البيت لذى الرمة فى الأغانى (١٨ / ٤٧) وفيه (إلا معرس) ، وبلا نسبة فى نهاية الإيجاز (١٣٧) ، والطراز (٢ / ٣٩٦).