المتوسط فإنما يكون من هذا الباب مع ما بعده على مذهب السكاكي الذي يعتبر في رد العجز على الصدر حشو المصراع الثاني ، وعليه فيكون هذا مما يمثل به لذلك القسم.
(و) الثالث منها وهو ما يكون فيه المجانس الآخر منهما في آخر المصراع الأول ك (قوله :
(فمشغوف بآيات المثاني |
ومفتون برنات المثاني) (١) |
فالمثاني الأول في آخر المصراع الأول والثاني في العجز وهما متجانسان إذ المراد بالمثاني الأول القرآن ؛ لأنه تثنى فيه القصص والوعد والوعيد ، ويطلق لفظ المثاني على الفاتحة منه لأنها تثني في كل ركعة ، والمراد بالمثاني الثاني أوتار المزامير ؛ لأنها طاقات ثنى أي : ضم بعضها إلى بعض ورناتها نغماتها ، والبيت في نفسه يحتمل معنيين أحدهما أن يكون الموصوف واحدا أي : هذا مشغوف بآيات القرآن وتلاوتها ومفتون مع ذلك لرقة قلبه برنات المزامير ، وأن يكون اثنين أي : فهناك مشغوف بالآيات يهتدي بها ويتذكر بها وآخر مفتون بنغمات المزامير غفلة منه عن الدار الآخرة ومقام إنشاد البيت قبله يعين أحدهما وقد تعين الثاني به ؛ لأن البيتين للحريري ومقامهما يقتضي المعنى الثاني ، ولم يجعل المثاني في الموضعين من الملحق اشتقاقا مع اشتراكهما في أصل المادة ؛ لأن الوصفية تنوسيت فيهما والله أعلم.
(و) الرابع منها وهو ما يكون فيه المجانس الآخر منها في صدر المصراع الثاني (كقوله : أملتهم) (٢) أي : رجوتهم (ثم تأملتهم) أي : تفكرت في أحوالهم هل هم ممن يرجى خيره أو لا (فلاح لي) بعد التأمل (أن) أي : أنه أو أنهم (ليس فيهم فلاح) أي : ليس فيهم بقاء على الخير وفوز بالرجاء وبلوغ الأمل فقوله : فلاح في صدر المصراع الثاني ، وفلاح الثاني في العجز وهما متجانسان فالأول فاء الترتيب مع لاح بمعنى ظهر والثاني بمعنى الفوز والمقام على الخير ، وذلك ظاهر ، ثم شرع في أمثلة الملحقين اشتقاقا
__________________
(١) البيت لأبى تمام فى شرح المرشدى على عقود الجمان (٢ / ١٥٣) ، وهو للحريرى من مقاماته فى ديوانه ص (٥٢١) ، أورده الجرجانى فى الإشارات ص (٢٩٧) ، والتبيان ص (٥١٨).
(٢) البيت للأرجانى ، أورده الجرجانى فى الإشارات ص (٢٩٧) ، والإيضاح ص (٣٣٠).