السفيهة كان ذما ، وهو الذي يدل عليه لفظ الهجران ، وإن أراد أنهم أكثروا فعجز عن الشكر فاستحيا من الإتيان إليهم بلا قيام بحق الشكر كان مدحا فيشبه أن يكون من التوجيه تأمله ، فإذا ظهر أن هذا المثال من الملحقين بشبه الاشتقاق لا من الاشتقاق كما ذكرنا أن المصنف لم يمثل لذلك النوع إلا بهذا لم يرد ما توهم من أنه تكرار لمثال الملحقين اشتقاقا إذ هو كما قبله وهو قوله
إذا المرء لم يخزن عليه لسانه |
فليس على شيء سواه بخزان |
في أن الملحق الآخر فيهما في حشو المصراع الأول وذلك ؛ لأن هذا المثال من واد وذاك من واد آخر ، ولو اشتركا في الإلحاق وثاني الملحقين يشبه الاشتقاق وهو ما يكون فيه الملحق الآخر منهما في صدر المصراع الأول كقوله :
ولاح يلحى على جرى العنان إلى |
ملهي فسحقا له من لائح لاح (١) |
فلاح الأول فعل من اللوحان بمعنى الظهور ، ولاح في العجز اسم الفاعل من لحاه رماه وأبعده.
وثالث الملحقين بشبه الاشتقاق وهو ما يكون فيه الملحق الآخر منهما في صدر المصراع الثاني كقوله :
لعمري لقد كان الثريا مكانه |
ثراء فأضحى الآن مثواه في الثرى (٢) |
لأن الثراه الأول من الثروة ، وهي : كثرة المال ، والثرى الآخر هو : الأرض ، ويضعف كون هذا المثال من الملحق أن أحدهما وهو الآخر لم يشتق من شيء حتى يتوهم فيهما الاشتقاق فالأقرب فيهما التجانس وقد يقال يكفي في ذلك التبادر كون أحدهما مما يؤخذ من الشيء فيسرى الوهم لآخر ثم رجع المصنف إلى تكميل أمثلة الملحقين اشتقاقا فقال (و) أما الثالث من الملحقين اشتقاقا وهو ما يكون فيه الآخر منهما في آخر المصراع الأول فك (قوله :
__________________
(١) البيت للحريرى.
(٢) البيت بلا نسبة فى المصباح ص (١٦٧).