إعطاء النصفة أي : العدل إيقاعه (وجدته) أي : إذا لم تنصفه وجدته (على طرف الهجران) أي على طرف الذي هو الهجران ، فالإضافة بيانية ، وكون الهجران طرفا باعتبار أنه مكان خارج ، وطرف عن المكان الأوسط الذي هو المواصلة ويحتمل أن تكون الإضافة على أصلها بأن يجعل للهجران طرفان ، والمقام يقتضي أن الذي يكون عليه المظلوم هو الأبعد ، والخطب في ذلك سهل ، وكثيرا ما نتعرض لأمثال هذه المباحث ؛ لأن بعض النفوس يصعب عليها الوقوف على حقيقتها (إن كان يعقل) أي : إذا لم تنصفه وجدته مهاجرا لك مبتدلا بك غيرك رافضا لصحبتك إن كان له عقل يطلب به معالي الأمور ؛ لأنه لا خير في صحبة من لا يرى لك ما ترى له ، فكيف بمن يظلمك ولا ينصفك وأما من لا عقل له فيرضى بأدنى الأمور بدلا من أعلاها ، فلا يقام له وزن في المعاملات ، ولا يلتفت إليه في التخصيص بالمكرمات (ويركب) ذلك الأخ الذي لم تنصفه (حد السيف) أي : طرفه القاطع وهو يحتمل أن يراد به الحقيقة على سبيل المبالغة أي : يكون معك بحيث لو فرض أنه هاجرك لقيه حد السيف ، وركبه ركوبا يقطعه لفعل ذلك بدلا (من أن تضيمه) أي : أن تذله وتظلمه ويحتمل أن يكون كناية عن الشدة والمشقة أي يركب إذا لم تنصفه مشاق وتأثيرات وإذايات لأن ركوب حد السيف ملزوم للإذايات والمشاق في الجملة (إذا لم يجد) أي يركب شفرة السيف ليتركك إذا لم يجد (عن شفرة السيف) أي : عن حد السيف الحقيقي ، أو عن الشدائد اللازمة في الجملة لحد السيف على الاحتمالين السابقين (مزحل) يحتمل أن يكون بالراء المهملة أي يركب ما ذكر إذا لم يجد عنه بعدا ، وارتحالا ، ويحتمل أن يكون بالزاي المعجمة أي بعدا وانفصالا وزوالا وفي القاموس زحل يعني بالزاي المعجمة عن مقامه كمنع زال ، وإنما قلنا إن ابن الزبير المذكور فعل ذلك بقول معن السابق لما حكى أن ابن الزبير المذكور دخل على معاوية رضي الله تعالى عنه فأنشده هذين البيتين فقال له معاوية لقد شعرت بضم العين أي صرت شاعرا بعدي أي : بعد ملاقاتي الأولى يا أبا بكر ثم إن عبد الله بن الزبير المذكور لم يفارق المجلس حتى دخل معن بن أوس المزني على معاوية فأنشد بين يديه قصيدته التي أولها :