لعمرك ما أدري وإني لأوجل (١)
أي : لأخاف.
على أينا تعدو المنية أول
أي : لا أدري الذي تعدو عليه المنية منا قبل الآخر ، وإني لأخاف ما يقع من ذلك ثم استمر على إنشاد القصيدة حتى انتهى وفيها هذان البيتان فأقبل معاوية على عبد الله بن الزبير وقال له ألم تخبرني أنهما ـ أي البيتين ـ لك؟ فقال : اللفظ له والمعنى لي وبعد هذا فهو أخي من الرضاعة وأنا أحق بشعره ، وقول معاوية ألم تخبرني يدل على أنه أخبره أولا بأن البيتين له ويحتمل أن يكون نزل حاله في إظهاره أنهما له ولم ينسبهما لصاحبهما متمثلا منزلة الإخبار قيل ولعله لم يقصد بنسبتهما لنفسه الكذب والافتخار بل لعله يريد أنهما لي ومناسبان لحالي ، فمعناهما ثابت لدي وعندي ، وهذا أيضا هو مراده بقوله المعنى لي أي : أنا الموصوف بمعناها ، وهو معبر بلفظهما عن المعنى الحاصل لي ، وقوله وبعد هذا فهو أخي من الرضاعة ، وأنا أحق بشعره اعتذار ملحى يستظرفه أهل المجلس فلا شك أن ابن الزبير المذكور أتى بقول معن كما هو من غير تبديل للفظ ولا تغيير للنظم فهو سرقة محضة.
(وفي معناه) أي وفي معنى ما لم يغير في اللفظ والنظم (أن يبدل) أي : أولا يغير هيئة اللفظ التركيبية ولكن يبدل (بالكلمات) الإفرادية (كلها أو بعضها ما يرادفها) بأن يأتي بدل كل كلمة بما يرادفها أو يأتي مكان البعض دون البعض بما يرادفه ؛ لأن المرادف يتنزل منزلة رديفه فلازم أحدهما من القبح لازم للآخر لسهولة ذلك التبديل فهو يعد أيضا مذموما وسرقة محضة ومثال تبديل جميع الألفاظ بالمرادف مع بقاء المعنى والنظم أن يقال في قول الحطيئة :
دع المكارم لا ترحل لبغيتها |
واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي (٢) |
|
ذر المكارم لا تذهب لمطلبها |
واقعد فإنك أنت الآكل اللابس |
__________________
(١) البيت لمعن بن أوس فى ديوانه ص (٣٩) ، وخزانة الأدب (٨ / ٢٤٤) ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص (١١٢٦) ، وشرح عقود الجمان (٢ / ١٧٨) ، وفيه (لا) بدلا من (ما).
(٢) البيت للحطيئة ، فى ديوانه ص (١٠٨) ، وفى التبيان ص (٤٧٨) ، وشرح المرشدى على عقود الجمان (٢ / ١٧٨).