ورأى ابن محمد المنقرىّ يزيد بن هارون (١) فى المنام ، فقال له : ما فعل الله بك؟ قال : تقبّل منى الحسنات وتجاوز عن السيئات ، ووهب لى التّبعات (٢) .. قلت : وما كان بعد ذلك؟ قال : وهل يكون من الكريم إلّا الكرم؟! غفر لى ذنبى وأدخلنى الجنة .. قلت : بم نلت هذه المنزلة؟ قال : بمجالس الذّكر ، وقول (٣) الحق ، وصدقى فى الحديث ، وطول قيامى فى الصلاة ، وصبرى (٤) .. قلت : ومنكر ونكير .. حق؟ قال : والله الذي لا إله إلّا هو ، لقد أقعدانى وسألنانى وقالا (٥) لى : ما دينك؟ ومن نبيّك؟ فجعلت أنفض التراب عن لحيتى (٦) وقلت : لمثلى يقال هذا؟ أنا يزيد بن هارون الواسطى ، كنت فى دار الدنيا سبعين سنة أملى أحاديث رسول الله ، صلّى الله عليه وسلم .. قال أحدهما (٧) : صدق ، وهو يزيد بن هارون ، [وقال له](٨) : نم نومة العروس ، فلا روعة بعدها عليك.
__________________
[انظر ترجمته فى الأعلام ج ٧ ص ٢٦٩ ، ووفيات الأعيان ج ٥ ص ٢٣١ ـ ٢٣٣ ، وحلية الأولياء ج ٨ ص ٣٦٠ ـ ٣٦٨ ، وطبقات الصوفية ص ٨٣ ـ ٩٠ ، وطبقات الأولياء ص ٢٨٠ ـ ٢٨٥ ، والرسالة القشيرية ج ١ ص ٦٥ ـ ٦٨ ، وطبقات الشعرانى ج ١ ص ٧٢ ، والعبر للذهبى ج ١ ص ٢٦٢ ، وسير أعلام النبلاء ج ٩ ص ٣٣٩ ـ ٣٤٥ ، وشذرات الذهب ج ١ ص ٣٦٠].
(١) هو يزيد بن هارون السّلميّ ، أبو خالد الواسطى ، أحد الأعلام الحفاظ المشاهير ، ولد سنة ١١٨ ه ، وكان حافظا متقنا ، ثقة ، ثبتا ، اجتمع فى مجلسه سبعون ألف رجل .. وتوفى سنة ٢٠٦ ه.
[انظر ترجمته فى تذكرة الحفاظ ج ١ ص ٣١٧ ـ ٣٢٠ ، وطبقات الصوفية ص ٥٧ «حاشية» عن خلاصة تذهيب الكمال ص ٣٧٤].
(٢) التبعات : جمع تبعة ، وهى ما تطلبه من ظلامة ونحوها. وفى «م» : «النعمات». والأولى هى الأوجه والمناسبة للسياق.
(٣) فى «ص» : «وقولى».
(٤) فى «ص» : «وصبرى على الحق».
(٥) فى «م» : «وقال» خطأ من الناسخ.
(٦) فى «ص» : «... أنفض لحيتى البيضاء من التراب».
(٧) فى «م» : «إحداهما» خطأ من الناسخ.
(٨) ما بين المعقوفتين لم يرد فى «ص».