وقال محمد بن يحيى الحرّانى : رأيت فى النوم كأنّ القيامة قد قامت ، فبينما أدور فى عرصاتها رأيت منبرا منصوبا وفوقه رجل يثنى على الله أحسن الثّناء ، فقلت : من هذا؟ فقيل لى منصور بن عمار (١) ، أمر الله أن يثنى عليه بين أهل الجنة كما أثنى عليه بين أهل الدنيا.
ثم جزت ، فرأيت رجلا بين يديه مائدة ، فقلت : من هذا؟ فقيل لى : هذا بشر بن الحارث (٢) ، جوّعه الله فى الدنيا وأباح له الأكل فى الجنة (٣).
ورأيت رجلا شاخصا بعينيه إلى السماء ، فقلت : من هذا؟ قيل : معروف الكرخىّ (٤) ، مات اشتياقا إلى الله تعالى ، قد أبيح له النظر.
ورأيت رجلا بيده مفاتيح ، فقلت : من هذا؟ فقيل : أحمد بن حنبل ، الساعة بايع الله على أن يقف على باب الجنة فيدخل أهل السّنّة ، ويمنع أهل البدع.
__________________
(١) سبق التعريف به. انظر ص ١٠٤ ـ الهامش رقم (٣) من هذا الفصل.
(٢) هو بشر بن الحارث بن على بن عبد الرحمن المروزى ، أبو نصر ، المعروف بالحافى ، من كبار الصالحين ، له فى الزهد والورع أخبار كثيرة ، وهو من ثقات رجال الحديث ، من أهل مرو ، ولد سنة ١٥٠ ه ، وسكن بغداد ، وتوفى بها سنة ٢٢٧ ه.
[انظر ترجمته فى الأعلام ج ٢ ص ٥٤ ، وسير أعلام النبلاء ج ١٠ ص ٤٦٩ ـ ٤٧٧ ، والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٧ ص ٣٤٢ ، ووفيات الأعيان ج ١ ص ٢٧٤ ـ ٢٧٧ ، والمعارف لابن قتيبة ص ٥٢٥ ، وحلية الأولياء ج ٨ ص ٣٣٦ ـ ٣٦٠ ، وطبقات الصوفية ص ٣٩ ـ ٤٧ ، وتاريخ بغداد ج ٧ ص ٦٧ ـ ٨٠ ، وطبقات الأولياء ص ١٠٩ ـ ١١٨ ، وطبقات الشعرانى ج ١ ص ٧٢ ـ ٧٤ ، وكتاب الجرح والتعديل ج ٢ ص ٣٥٦ ، والعبر للذهبى ج ١ ص ٣١٣ ، والرسالة القشيرية ج ١ ص ٧٣ ـ ٧٧ ، وشذرات الذهب ج ٢ ص ٦٠ ـ ٦٢].
(٣) فى «ص» : «وقد أباح له الأكل فى الآخرة».
(٤) هو معروف بن فيروز الكرخىّ ، أبو محفوظ ، أحد أعلام الزهاد والمتصوفين ، كان من موالى الإمام على الرّضا بن موسى الكاظم ، واشتهر بالصلاح ، وقصده الناس للتبرك به ، حتى كان الإمام أحمد ابن حنبل فى جملة من يختلف إليه ، ولابن الجوزى كتاب فى «أخباره وآدابه» .. وتوفى معروف ببغداد سنة ٢٠٠ ه.