الله ، والاعتصام بحبله ، والأمر بالمعروف ، بعد هذا كله حذر سبحانه المسلمين من الكافرين الذين يضمرون السوء للإسلام والمسلمين ، ويتمنون لهم الويلات والعثرات ، حذرهم بقوله :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ). وهذا بظاهره نهي للمسلمين عن كل من ليس على دينهم ، دون استثناء ، وعليه يتجه الاعتراض التالي :
المعروف عن رؤساء الأديان في جميع الطوائف انهم يبثون بين أتباعهم روح العداء والتعصب ضد أهل الطوائف الأخرى ، وهذا هو القرآن يسير على نفس الطريق ، حيث أمر المؤمنين به بالتباعد عن غيرهم ، وحذرهم أن يتخذوا أولياء وخواصا إلا منهم وفيهم .. اذن ، أين التساهل والتسامح في الإسلام؟ وأي فرق بين المسلمين ، وبين اليهود الذين قال بعضهم لبعض : «ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم»؟
الجواب : ان الآية لم تحذر المسلمين من غيرهم من حيث انهم لا يدينون بدين الإسلام .. كلا ، وانما حذرتهم من الذين ينصبون لهم المكائد والمصائد ، وهذا المعنى صريح في قوله تعالى : (لا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً) أي يجتهدون ، ولا يقصرون في مضرتكم ، وافساد الأمر عليكم ، وفي قوله : (وَدُّوا ما عَنِتُّمْ) أي يتمنون لكم العنت والمشقة ، وفي قوله : (قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ) أي الطعن في دينكم ونبيكم وقرآنكم. (وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ) مما يفيض على ألسنتهم .. وأيضا من أوصاف الذين حذر الله منهم (وَإِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ) ..(إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِها). كل هذه الأوصاف هي السبب الموجب للنهي عن اتخاذ البطانة .. وعلى هذا فكل من يتصف بهذه الأوصاف يجب الابتعاد عنه ، ولا يجوز اتخاذه بطانة ، سواء أحمل اسم مسلم ، أو أي اسم آخر.
نحن الآن في سنة ١٩٦٧ ، وفي ٥ حزيران من هذه السنة دفع الاستعمار باسرائيل الى الاعتداء على الأراضي العربية ، بعد أن مهد لها السبيل حثالة من صراصير الاستعمار ، تنتمي بدينها الى المسلمين وبقوميتها الى العرب .. وهذه الحثالة أعظم جرما عند الله من الملحدين والمشركين الذين كفوا الأذى عن غيرهم .. إذن ،