ألم الفقر فيهلكه. وقال : أاقنع من نفسي بأن يقال : أمير المؤمنين ، ولا أشاركهم في مكاره الدهر.
مراتب دعوته :
أنذر النبي أول من أنذر عشيرته الأقربين ، وذلك حين نزلت الآية ٢١٥ من سورة الشعراء : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) فأولم لهم ودعاهم ، وقال لهم فيما قال : «فأيكم يوازرني على هذا الأمر ، على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم». فأحجموا جميعا إلا علي بن أبي طالب قال : أنا يا نبي الله. فأخذ برقبته ، وقال : هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا. فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع (١).
ثم دعا النبي (ص) قومه العرب ، ثم كل من بلغه الدعوة من الأولين والآخرين : «وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ ـ ٢٨ سبأ». أما غيره من الأنبياء فقد أرسل الى قومه ، أو أهل زمانه .. ومن ثم كان نوح وابراهيم وهود وصالح وموسى وغيرهم يخاطبون الذين يدعونهم الى الايمان ب (يا قوم). أما محمد (ص) فقد خاطب جميع الناس على اختلاف أنواعهم ولغاتهم في كل مصر وعصر : (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً) ـ ١٥٨ الاعراف». ولقد كتب الرسول الأعظم (ص) الى ملوك الأرض ، وفي طليعتهم كسرى وقيصر ، وأرسل اليهم رسله يدعوهم الى الإيمان برسالته.
سر عظمته :
كان محمد (ص) بشرا ، ومن وصفه بشيء من صفات الخالق الرازق فقد كفر بالله وبه ، ولكن البشر ، كل البشر من آدم الى آخر أبنائه ليسوا كمحمد ..
__________________
(١) رواه الطبري في تاريخه وتفسيره ، كما في الطبعة القديمة ، وأيضا رواه الثعلبي في تفسيره ، والنسائي في الخصائص ، وذكره محمد حسين هيكل في الطبعة الأولى لكتاب حياة محمد ، ثم حذفه في الطبعة الثانية .. (أعيان الشيعة ، ص ٩٨ ، طبعة ١٩٥٠).