الإعراب :
اسم كاد ضمير الشأن ، وجملة يزيغ خبر ، أي من بعد ما كاد الشأن أو الحال يزيغ قلوب فريق. وعلى الثلاثة عطف على النبي أي وتاب على الثلاثة. وبما رحبت (ما) مصدرية أي برحبها. والا كلمتان : ان المخففة من الثقيلة ولا ، واسم ان ضمير الشأن ، ولا نافية للجنس ، وملجأ اسمها ، ومن الله خبر ، والمصدر المنسبك من ان وما بعدها ساد مسد مفعولي ظنوا.
المعنى :
ما زال الحديث عن غزوة تبوك وما يتصل بها من أحداث ، ولهذه الغزوة خصائص تميزها عن سائر الغزوات ، منها او أهمها ان جيشها كان في جهد من الحر والجوع والعطش والعري والركب ، ومن أجل هذا سمي جيش العسرة. قال الرواة : كان العشرة من جيش المسلمين يعتقبون بعيرا واحدا ، يركب الرجل ساعة ثم ينزل ، فيركب صاحبه ، وكان زادهم الشعير المسوس ، والتمر المدود ، وكان الواحد منهم يلوك التمرة ، حتى إذا وجد طعمها أعطاها صاحبه ، أما الماء فقد كانوا ينحرون البعير على قلة الراحلة ، ويعتصرون الفرث الذي في كرشه ، ويبلّون به ألسنتهم. وقد تخلف عن هذه الغزوة المنافقون ، وتقدم الحديث عنهم ، أما المؤمنون الذين اتبعوا النبي (ص) في غزوة تبوك فأشار سبحانه اليهم بقوله : (لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ). إذا قيل : تاب فلان فهم الناس من هذا القول ان المذكور كان قد ارتكب ذنبا ثم ندم وعزم جادا على تركه وعدم العودة اليه ، وإذا قيل : تاب الله عليه فهموا ان الله قبل توبته ، وقد يراد من توبة الله على الإنسان رحمته تعالى ورضوانه مع القرينة الدالة على ذلك ، والمعنى الأول أي قبول الله سبحانه التوبة هو المراد بتوبته على الثلاثة الذين خلفوا ، والمعنى الثاني أي الرحمة والرضوان هو المراد بتوبته تعالى على النبي والصحابة الذين اتبعوه وائتمروا بأمره حتى في ساعة العسرة ، أما القرينة على ارادة الرضوان من توبته تعالى على النبي وصحابته فهي طبيعة الحال ، ونعني