الإعراب :
كافة حال. ولولا إذا دخلت على الفعل كما هي في الآية ، فمعناها الطلب مثل هلا. وإذا دخلت على الاسم فهي حرف يدل على امتناع شيء لوجود غيره. والمصدر المنسبك من ليتفقهوا مجرور باللام يتعلق بنفر.
المعنى :
(وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً). هذه الآية تتصل بالآية السابقة ، وهي (ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ). ووجه الاتصال بين الآيتين انه حين نزلت الآية السابقة قالت القبائل المسلمة : والله لا نتخلف بعد اليوم عن الغزو مع رسول الله ، وتدفقوا على المدينة لهذه الغاية. فأنزل سبحانه : (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً) أي لا يطلب منهم أن ينفروا جميعا في كل سرية تخرج للجهاد ، بل يختلف ذلك باختلاف الغزوات والمقتضيات ، فتارة يجب الجهاد عينا على كل فرد ، ولا يسقط عن الكل بفعل البعض ، وتارة يجب كفاية متى قام به البعض سقط عن الآخرين ، أما تعيين أحد الواجبين فموكول لأمر النبي (ص) .. ينفر المسلمون كافة إذا استنفرهم كافة ، وينفرون جماعة دون جماعة إذا استنفرهم كذلك.
(فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ). بعد ان بيّن سبحانه ان النفير العام لا يجب في كل غزوة بيّن ان هناك واجبات أخرى غير الجهاد يجب القيام بها تماما كما يجب القيام بالجهاد ، منها أن ينفر من كل بلد أو قبيلة جماعة الى المدينة المنورة أو غيرها ليتفقهوا في دين الله ، ويعرفوا حلاله وحرامه ، ثم يعودوا الى قومهم ، فيرشدوهم ويحذروهم من عذاب الله على معصيته ومخالفة أمره (لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) ومعنى لعل هنا الطلب ، لا الترجي ، أي يجب عليهم أن يسمعوا من المرشدين ويطيعوا.
هذا ما نذهب اليه في تفسير هذه الآية مخالفين أكثر المفسرين أو الكثير منهم