الإمام زين العابدين ومقومات الحرب :
(وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً) الغلظة هنا كناية عن القوة والمنعة ، وتحصين الحدود تحصينا محكما (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) الذين آمنوا به ايمانا صادقا ، وأخلصوا في قتال أعدائه وأعدائهم ، وأعدوا له ما استطاعوا من قوة ، تماما كما أمرهم الله جلت حكمته.
ومن روائع ما جاء في هذا الباب دعاء للإمام زين العابدين علي بن الحسين (ع) ناجى به ربه ، ودعا لأصحاب الثغور وحماة البلاد الاسلامية ، وقد ضمنه الخطوط العريضة للانتصار في الحرب على العدو ، قال فيما قال :
«اللهم صل على محمد وآل محمد ، وكثّر عدتهم ، واشحذ أسلحتهم ، واحرس حوزتهم ، وامنع حومتهم ، وألّف جمعهم ، ودبر أمرهم ، وتوحد بكفاية مؤنهم ، وأعنهم بالصبر ، والطف لهم بالمكر ، وعرّفهم ما يجهلون ، وعلّمهم ما لا يعلمون ، وأنسهم عند لقائهم العدو ذكر دنياهم الخداعة الغرور ، وامح عن قلوبهم خطرات المال الفتون ، واجعل الجنة نصب أعينهم».
هذه الخطوط التي ذكرها هي المقومات الأساسية للنصر التي انتهى اليها العلم الحديث ـ فيما نظن ـ : كثرة السلاح ، فمهما تحطم منه يبقى ما فيه الكفاية ، وشحذه ومضاؤه ، ويدخل فيه جميع الأسلحة الحديثة ، حتى الذرة والصواريخ الموجهة ، والمؤنة الوافرة لكل جندي ، والعلم بفنون الحرب واستعمال السلاح وبكل ما يتصل بالحرب من التدبير والاقدام أو الاحجام ومعرفة طرق المكر والكيد بالعدو وتضليله عما يبيت له ، وتوحيد الصفوف وجمع القلوب على الإخلاص في القتال والصبر على آلامه حتى الموت ، ونسيان الدنيا وحطامها عند اللقاء والطعن والضرب ، والايمان بأن شهادة الإنسان في سبيل دينه ووطنه هو الربح والفوز الأكبر .. أما بيت القصيد في هذه المناجاة فقول الإمام : «وامح عن قلوبهم خطرات المال الفتون واجعل الجنة نصب أعينهم».
وهل أتي العرب والمسلمون قديما وحديثا ، وصاروا أكلة لكل آكل الا عن طريق المال الفتون؟. وكفى بنكسة ٥ حزيران سنة ١٩٦٧ شاهدا ودليلا .. لقد مضى على هذه الكلمات ثلاثة عشر قرنا ، ومع هذا لو ان قائدا عظيما من قادة