والرحمة بمن آمن بالحق ، وكف أذاه عن الناس ، أما من يعتدي عليهم ، ويعبث بحق من حقوقهم فإنه يقسو عليه قسوته على الباطل والفساد ، ولا تأخذه فيه هوادة ورأفة ، وهذا هو دين الانسانية والرحمة ، فقد نهى سبحانه عن الرأفة في اقامة الحدود على المجرمين ، قال تعالى: (فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ) ـ ٢ النور».
وقال ابن العربي في الجزء الرابع من «الفتوحات المكية» : المراد بالمؤمنين من آمن بالحق وبالباطل ، لا خصوص من آمن بالحق .. وهذه شطحة صوفية.
(فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ). هذه هي مهمة الرسول : التبليغ ، وكفى. فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ، وكان النبي (ص) على يقين قاطع بأن الله كافيه ومقويه بنصره وعنايته ، لأنه توكل عليه وحده لا إله إلا هو .. ونختم هذه السورة بما ختمها صاحب تفسير المنار ، قال :
«أما اصطفاؤه تعالى لبني هاشم على قريش فقد كان بما امتازوا به من الفضائل والمكارم ، فهاشم هو صاحب إيلاف قريش الذي أخذ لهم العهد من قيصر الروم على حمايتهم في رحلة الصيف الى الشام ، ومن حكومة اليمن في رحلة الشتاء ، وهو أول من هشم الثريد للفقراء من قومه ولأهل موسم الحج كافة ، وقد أربى عليه بالسخاء والكرم ولده عبد المطلب. وجملة القول ان بني هاشم كانوا أكرم قريش أخلاقا ، وأبعدهم عن الكبر والأثرة ، لا ينازعهم احد في ذلك».
وفي بعض الروايات ان آخر آية نزلت من السماء قوله تعالى :
(حَسْبِيَ اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ).