الإعراب :
إذا لهم (إذا) للمفاجأة وقعت في جواب إذا أذقنا. ومكرا تمييز. والنون في جرين ضمير الفلك. وضمير بهم للناس. ومخلصين حال من الضمير في دعوا. وإذا هم (إذا) للمفاجأة وقعت في جواب لما. ومتاع الحياة منصوب على المصدر أي تمتعوا متاع الحياة ، ويجوز الرفع على انه خبر لمبتدأ محذوف أي ذلك متاع.
المعنى :
(وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا). قيل المراد بالناس هنا المشركون خاصة ، وليس هذا القول ببعيد عن قرينة السياق ، فإن الآيات السابقة تحدثت عن المشركين ، ولكن هذا لا يمنع من أن يكون التهديد عاما يشمل كل من جحد أنعم الله ، سواء أكان الجحود من المؤمن أم الكافر ، قبل الضراء أم بعدها .. وفي جميع الحالات فإن مضمون هذه الآية يلتقي مع الآية السابقة رقم ١٢ ، وهي : «وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه». فهذه الآية تقول : ان الإنسان يذكر الله في العسر ، وينساه في اليسر ، والآية التي التي نفسرها تقول : إذا جعل الله عسر الإنسان يسرا مكر في آياته ، والمراد بهذا المكر انه يجحد آيات الله ، ويكذّب بأن الله سبحانه هو السبب في كشف الضر والبلوى عنه ، ويفسر هذا الكشف بأسباب لا أصل لها ولا أساس ، كالأصنام والكواكب والصدفة ، وما إلى ذلك من التفسيرات الفاسدة التي تختلف باختلاف الأشخاص وأوهامهم ومعتقداتهم.
(قُلِ اللهُ أَسْرَعُ مَكْراً إِنَّ رُسُلَنا يَكْتُبُونَ ما تَمْكُرُونَ). المراد بمكر الله تعالى انه يجازي الماكرين على مكرهم ، ويعد لهم العذاب الأليم من حيث لا يشعرون. وتكلمنا عن المراد بمكره تعالى مفصلا في ج ٢ ص ٦٨ عند تفسير الآية ٥٤ من سورة آل عمران ، والمراد بالرسل الكاتبين الملائكة ، والمعنى انه تعالى يحصي أعمال الماكرين ، ويجازيهم عليها بما يستحقون.