وجميعا حال من ضمير نحشرهم. ومكانكم في محل نصب قام مقام فعل الأمر أي الزموا. وأنتم توكيد للضمير في الزموا. وكفى بالله الباء زائدة ، والله فاعل ، وشهيدا حال ، ويجوز أن يكون تمييزا على معنى من شهيد. وان كنا (ان) مخففة من الثقيلة ، واسمها (نا) محذوف وجملة كنا خبر ، واللام في لغافلين للفرق بين ان النافية والمخففة. وهنالك ظرف زمان منصوب بتبلو. ومولاهم بدل من الله ، والحق صفة.
المعنى :
(لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) قال الرازي : نظير هذه الآية قوله تعالى : (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ). ويلاحظ بأن الإحسان يختص بالتفضل على الغير ، والحسن ما كان محبوبا للفطرة سواء أكان تفضلا ، أم لم يكن ، ويدخل فيه حسن العقيدة ، وحسن القول والفعل ، ونية الخير ، بل والشعور بالذنب ، فكل هذه محبوبة لله وللفطرة ، وهو سبحانه يكافئ عليها بالحسنى ، اذن ، فالآية نظير قوله تعالى : (وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) ـ ٢٣ الشورى». واختلف المفسرون في معنى الزيادة ، لأنها ان كانت من نوع الحسنى فما هي بزيادة ، وان كانت غيرها فالكلمة مبهمة ، والذي نفهمه نحن ان المراد بالزيادة هنا انه جل ثناؤه يثيب الذين أحسنوا بأكثر مما يستحقون ، قال تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) ـ ١٧٢ النساء». فعطف الزيادة على توفية الأجور دليل على ما قلناه.
(وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ). كل ما في القلب من حزن وسرور ، وأمن وخوف ينعكس أثره في الوجه بوضوح ، ولكن أثر الخوف والقلق أظهر أثرا فيه من غيره ، بخاصة وجوه أهل النار إذا عاينوها ، فإنها تسود من الرعب ، حتى كأنها مغطاة بدخان ، أو بغبار أسود ، أما أهل الجنة فوجوههم ضاحكة مستبشرة : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ تَرْهَقُها قَتَرَةٌ) ـ ٤٠ عبس» ، أي تغطيها غبرة سوداء.