إدانة أحد بشيء وتجريمه والشهادة عليه إلا بعد العلم ، والسر هو الحرص على أن تسبر الحياة في طريقها القويم ، وبالاختصار ان اتباع الظن حتم في موارد ، ونهي في موارد ، وصاحبه بالخيار في موارد أخرى .. ومن أحب معرفة التفاصيل فليرجع إلى كتاب فرائد الأصول المعروف بالرسائل للشيخ العظيم الأنصاري ، فقد تعمق في بحثه ، واستغرق حوالى ١٥٠ صفحة بالقياس الكبير.
(إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ). هذا تهديد للمشركين الذين اتبعوا الظن في عبادة الأصنام وتكذيب النبي (ص) دون أن يقيسوا ظنهم هذا بمقياس الفطرة والعقل ، وهو أيضا تهديد لكل من يتبع الظن في أمر من أمور الدين.
(وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللهِ) لاعجازه في الأسلوب ، ولما فيه من علوم وشريعة انسانية ، وآداب اجتماعية ، وإخبار بالغيب ، وما الى ذلك مما يستحيل معه ان يكون من عند غير الله (وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) مما تقدمه من الكتب الإلهية (وَتَفْصِيلَ الْكِتابِ) المراد بالكتاب هنا كل ما شرّعه الله مما يحتاجه الإنسان لسعادته دنيا وآخرة (لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) أي لا ينبغي لعاقل ان يرتاب في كتاب الله ، وقد حوى من المعجزات والآيات ما تذعن له الفطرة الصافية والعقل السليم.
(أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ). سبق نظيره مع التفسير المفصل في سورة البقرة الآية ٢٣ ج ١ ص ٦٤.
(بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ) هذا هو شأن الجاهل الأرعن يسرع الى التصديق أو التكذيب قبل أن يتأمل ويتدبر ، وفي قوله : (بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ) اشارة الى ان العاقل لا يثبت شيئا ولا ينفيه الا بعد أن يدرسه بروية وهدوء دراسة شاملة كاملة من جميع جهاته (وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ) أي ان المشركين كذبوا بالقرآن قبل أن يعرفوا ما فيه من حقائق وأسرار ، ولو انهم عقلوا تعاليمه وأحكامه لصدقوا به إن كانوا من طلاب الحقيقة.
وجاء في مجمع البيان : «قيل : ان أمير المؤمنين علي (ع) أخذ من هذه الآية قوله : الناس أعداء ما جهلوا ، وأخذ قوله : قيمة كل امرئ ما يحسن