نقمة الله وغضبه (هُوَ السَّمِيعُ) لافترائهم عليك (الْعَلِيمُ) بما يدبرونه لك من الكيد .. وانه لهم لبالمرصاد.
وتسأل : لقد دلت هذه الآية على ان العزة بكاملها لله وحده ، لا يشاركها فيها أحد ، مع ان الآية ٨ من سورة «المنافقون» تقول : «ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين»؟.
الجواب : ان عزة الرسول والمؤمنين هي لله ، ومن الله ، فبه يعتزون ، ومنه يستمدون.
(أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) ومن كان له هذا الملك فهو قادر على نصرة نبيه ، وإعزازه والانتقام من أعدائه. وقال تعالى (من) ولم يقل (ما) لأن الكلام عن المشركين الذين افتروا الكذب على الله ونبيه (وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ شُرَكاءَ). إذا اتبعت إنسانا معتقدا بصلاحه ، وهو ضال في الواقع فأنت لا تتبع صالحا ، بل ضالا ، وهذه هي حال من يعبد الأصنام معتقدا بأنها شريكة لله .. انه لا يعبد شركاء الله لسبب واضح وبسيط ، وهو انه ليس لله شركاء ، ويوضح ارادة هذا المعنى قوله تعالى : (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ). وقوله : ان هم الا يخرصون تأكيد لقوله : ان يتبعون الا الظن ، والجملتان تفسير وتوضيح لقوله : وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء. وسبق نظير هذه الآية مع البيان في الآية ٢٨ من هذه السورة.
(هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ). مبصرا أي نبصر فيه للكد والكدح ، أما الليل فظلام لأنه للسكن من متاعب النهار ، وأوضح تفسير لهذه الآية قوله تعالى : (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ) ـ أي جعلناها مظلمة ـ (وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) ـ ١٢ الاسراء».
(قالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً سُبْحانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ). سبق مثله مع ذكر الأدلة على نفي الولد عنه تعالى في سورة البقرة الآية ١١٧ ج ١ ص ١٨٦ ، وتكلمنا عن الأقانيم الثلاثة : الأب والابن وروح القدس في ج ٢ ص ٣٤٤.