على مفعول احمل ، ومثله ومن آمن. بسم الله متعلق بمحذوف حالا من واو اركبوا أي متبركين باسم الله ، ومجراها ومرساها ظرفا زمان على حذف مضاف أي وقت جريها وارسائها. ويجوز أن يكونا مبتدأ والخبر بسم الله .. ولا عاصم (لا) نافية للجنس وعاصم اسمها ، واليوم متعلق بمحذوف خبرها ، وإلا من رحم الله (من) في محل نصب على الاستثناء المنقطع أي لكن من رحمه الله معصوم. وبعدا مصدر مؤكد أي بعد بعدا.
المعنى :
(حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ). الفوران الارتفاع ، وللتنور معان في اللغة ، منها وجه الأرض ، وهو المراد هنا ، ونظيره «وفجرنا الأرض عيونا» والمعنى حين أتى أمر الله ، وأخذ الماء ينبع من الأرض (قُلْنَا) ـ لنوح ـ (احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) ذكرا وأنثى ، وكلمة كلّ تدل على عموم ما تضاف اليه ، ويختلف هذا العموم سعة وضيقا باختلاف موارده ، فكلمة شيء في قوله تعالى : (وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ) تعم جميع الكائنات دون استثناء ، وهي في قوله عن بلقيس : «وأوتيت من كل شيء» تختص بأشياء زمانها أو بلدها ، وعلى هذا يكون المراد من كل زوجين في الآية ما يستطيع نوح (ع) أن يحمله معه في السفينة من أنواع الأحياء أو المخلوقات ، لا من جميع أنواعها ، والا كان طول السفينة وعرضها مئات الأميال.
(وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ) أي واحمل أهلك في السفينة ولا تحمل منهم من ننهاك عن حمله. وتجدر الاشارة الى ان الله سبحانه لم يقل لنوح : لا تحمل ولدا مع العلم بأن الله قد أغرقه مع الكافرين. وقال المفسرون : ان أبناء نوح الثلاثة الذين حملهم معه حام وسام ويافث ، أما من كتب عليه الهلاك من أهله فهو أحد أبنائه الذي أشار اليه سبحانه بقوله : «فكان من المغرقين» وقيل : اسمه كنعان ، وامرأة نوح أيضا كانت من الهالكين لقوله تعالى في الآية ١٠ من سورة التحريم : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ) ..(وَمَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) ، أي واحمل العصبة القليلة التي آمنت معك.