المعنى :
(وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ) بعبادة الأوثان .. وهود من عاد نسبا ووطنا ، ولذا وصفه سبحانه بأخيهم ، ورسالته هذه الى قومه هي رسالة جميع الأنبياء ، وسبق نظيرها من نوح في الآية ٢٦ من هذه السورة ، ومن هود نفسه في الآية ٦٥ من سورة الأعراف ج ٣ ص ٣٤٧ ، وذكرنا مكان قبره ، وانه أول من تكلم بالعربية ، وانه أبو اليمن ومضر. فراجع.
(يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ) ان من يعمل لله لا يطلب الرزق من غيره ، وان الله وحده هو الذي ينفع ويضر ، ومر تفسيره في الآية ٢٩ من هذه السورة.
(وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ). والفرق بين الاستغفار والتوبة ان الاستغفار طلب العفو عن الماضي مع صرف النظر عن الآتي ، اما التوبة فطلب العفو عما مضى مع التعهد بترك المعصية فيما يأتي (يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ). يظهر من هذا انهم كانوا اصحاب زرع وضرع ، حيث رغّبهم سبحانه في كثرة المطر ، كما ان قوله : (يَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ) يدل على انهم كانوا على شيء من القوة المادية والمعنوية ، ويومئ الى ذلك قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ ، إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ ، الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ) ـ ٧ الفجر».
وتسأل : لقد ربط الله في هذه الآية بين الايمان ، وبين انزال المطر ، فكيف تجمع بينها وبين قولك عند تفسير الآية ٢ من سورة الأنفال وغيرها : ان الايمان لا ينبت قمحا ، لأن الله يجري الأمور على سنن الكون؟.
الجواب : أجل ، ان الله يجري الأمور على سننها الكونية ، ما في ذلك ريب .. ولكن هذا لا يمنع من وجود المعجزات ، وخوارق سنن الكون لحكمة تستدعي ذلك .. ان جميع الأسباب الطبيعية وغيرها تنتهي الى مشيئته تعالى ، فهي وحدها سبب الأسباب ، وقد تتعلق هذه المشيئة القدسية بوجود شيء ما مباشرة وبلا واسطة