أصحابه الذين فتح بهم مكة ، وألفان من الطلقاء ، ومنهم ابو سفيان وابنه معاوية. وتوجه النبي (ص) إلى هوازن ، وكان طريقه على وادي حنين ، وكان ضيقا منحدرا ، وكان جيش العدو قد سبقهم إلى احتلال مضايقه ، وكمن فيها ، وما ان وصل المسلمون الى قلب الوادي ، حتى أمطرهم العدو بوابل من سهامه ، فانهزم الناس ، وأولهم ابو سفيان. قال الشيخ الغزالي في فقه السيرة : «وعاد إلى بعضهم كفره بالله ورسوله ، فقال ابو سفيان : لا تنتهي هزيمتهم دون البحر ، ولا عجب فإن الأزلام التي كان يستقسم بها في جاهليته لا تزال في كنانته».
وثبت مع رسول الله علي شاهرا سيفه بين يدي رسول الله (ص) والعباس آخذا بلجام بغلته ، والفضل بن العباس عن يمين النبي ، والمغيرة بن الحارث بن عبد المطلب وزيد بن أسامة ، وأيمن بن ام أيمن ، وقتل بين يدي الرسول (ص). وحين رأى المشركون انهزام المسلمين خرجوا من شعاب الوادي ، وقصدوا رسول الله ، فقال لعمه العباس ، وكان جهوري الصوت : ناد القوم ، وذكرهم العهد ، فنادى بأعلى صوته : يا أهل بيعة الشجرة ، يا أصحاب سورة البقرة اين تفرون؟ اذكروا العهد الذي عاهدتم عليه رسول الله ، فلما سمع الأنصار نداء العباس عطفوا وكسروا جفون سيوفهم ، وهم يقولون : لبيك ، لبيك فاستقبل بهم النبي الاعداء واقتتل الفريقان قتالا شديدا.
وكان حامل راية المشركين وطليعتهم رجل يدعى أبا جرول ، فكان يكر على المسلمين وينال منهم ، فبرز له علي بن أبي طالب وقتله ، وبقتله تفرقت جموع المشركين ، وتم النصر للنبي والمؤمنين ، ولما علم الطلقاء بانتصار المسلمين وكثرة الغنائم رجعوا إلى رسول الله. وفي تفسير البحر المحيط ان الطلقاء فروا وقصدوا بذلك إلقاء الهزيمة في المؤمنين. وقال الشرقاوي في كتاب (محمد رسول الحرية) : «إن ألفين من قريش ، على رأسهم ابو سفيان أسلموا خوفا أو طمعا قد جاءوا اليوم لا لينصروا الإسلام ، بل ليخذلوه ، وليشيعوا الانهزام بين المجاهدين القدماء!!».
وهكذا المنافقون والانتهازيون يتظاهرون بالإخلاص ، ويندسون في صفوف الأحرار يدبرون المؤامرات ، فان نجحت بلغوا ما يريدون ، وان نجح الأحرار