قالوا لهم : نحن وأنتم شركاء. وتقدم الكلام عن هؤلاء في ج ٢ ص ٤٦٦.
(لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ) منها وقعة بدر وقريظة والنضير والحديبية وخيبر وفتح مكة : (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ) قال الرازي : «ان رجلا من المسلمين قال : لن نغلب اليوم من قلة ، فساء ذلك رسول الله (ص) ، وقيل : انه هو قالها ، وقيل : قالها أبو بكر ، واسناد هذه الكلمة إلى الرسول بعيد».
(فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ). فمن الاعجاب بالكثرة إلى ابشع الهزائم التي لم يجدوا معها في الأرض مكانا ينجيهم من عدوهم ، وهذه نهاية كل من تاه بغروره ، واستهان بعدوه.
(ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ) السكينة الثقة والاطمئنان ، ومعنى إنزالها على النبي (ص) بقاؤه ثابتا في قلب المعركة ساكن الجأش ، شديد البأس يدبر الأمر ويحكمه على الرغم من فرار جيشه الذي بلغ ١٢ ألفا إلا نفرا لا يتجاوزون العشرة ، وجيش العدو يعد بالألوف .. قال الرواة : كان النبي يدفع ببغلته نحو العدو ولا يبالي ، وهو ينادي المنهزمين ، ويقول : إلي عباد الله أنا رسول الله أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب .. والمؤمنون الذين أنزل الله سكينته عليهم هم الذين ثبتوا مع رسول الله ولم يفروا عنه ، والذين عادوا إلى المعركة بعد الهزيمة ، واستجابوا لنداء النبي مخلصين ، ومعنى إنزال السكينة عليهم تسكين قلوبهم ، وإزالة الخوف والرعب منها.
(وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها) قال الرازي : «لا خلاف ان المراد إنزال الملائكة». أما نحن فنعتقد ان لله جنودا من الملائكة وغير الملائكة لا تحصى أنواعها فكيف أفرادها!. ومن تلك الأنواع قوى النفس وغرائزها ، ومنها قوى خارجية ، والآية لم تبين نوع هذه الجنود التي أنزلها الله يوم حنين ، لذلك نترك علمها لله الذي قال : (وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ) ـ ٣١ المدثر». (وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ) عذبهم في الدنيا بالقتل والأسر والهزيمة وأخذ الأموال ، وعذبهم في الآخرة بنار جهنم وسوء المصير.
(ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ). ان الله كريم