كل ما من شأنه ان يواجه الصعاب ، ويحل مشكلات الحياة ، دون ان يبخس الناس أشياءهم. انظر فقرة «الغني وكيل لا أصيل» عند تفسير الآية ١٨٢ من سورة آل عمران ج ٢ ص ٢١٧.
(قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي). تقدم في الآية ٢٨ من هذه السورة.
(وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً) بعد أن أمر شعيب (ع) قومه بالكسب الحلال الطيب ونهاهم عن الحرام الخبيث احتج عليهم بما أنعم الله عليه من الرزق الكافي الوافي بجميع حاجاته ، مع انه أبعد الناس عن الحرام .. فأسباب الرزق الحسن ـ اذن ـ لا تنحصر بالحرام ، ومحال ان يحصر الله الرزق بباب من الأبواب ، ثم يحرمه على عباده ، وقول شعيب (وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً) يومئ الى انه كان في سعة من العيش.
(وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ). ولو فعل لكانت الحجة لهم عليه ، ولا حجة له عليهم ، ومن شروط النبي ان تكون جميع صفاته مبشرة لا منفرة ، والطباع تنفر من الذين يقولون ما لا يفعلون (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ). والمصلح يعظ الناس بأفعاله قبل أقواله ، ويستمر في دعوته متحملا في سبيلها الأذى والمشاق ، ومن أجل هذا كان شعيب وغيره من الأنبياء يأكلون من عمل أيديهم ، ويتحملون الأذى من الكافرين والمعاندين (وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) اي انه سيمضي في تأدية رسالته مهما تكن النتائج متوكلا على الله وطالبا منه العون وراجعا اليه في جميع أموره.
(وَيا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صالِحٍ وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ). لا يجرمنكم اي لا يكسبنكم ، والمعنى لا يكسبنكم عداؤكم لي نزول العذاب بكم ، فما عادى قوم نبيهم الا ونزل بهم العذاب ، ومن الشواهد على ذلك أقوام الأنبياء المذكورين. فقوله : لا يجرمنكم شقاقي الخ مثل قولك لمن عق أباه : لا يكسبنك عقوقك لأبيك غضب الله عليك (وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ). مر نظيره مع التفسير في الآية ٥٢ و ٦١