الإعراب :
لولا حرف يفيد الطلب والحث على الفعل مثل هلا. وكان هنا تامة بمعنى وجد ، وأولو بقية فاعل. وإلا قليلا منصوب على الاستثناء المنقطع ، أي ولكن قليلا. ويهلك منصوب بأن مضمرة بعد اللام ، والمصدر المنسبك مجرور بها ، ومتعلق بخبر كان المحذوف أي وما كان ربك مريدا لهلاك أهل القرى. وأهلها مصلحون الواو للحال. وإلا من رحم (من) في موضع نصب على الاستثناء المتصل من واو لا يزالون. ولذلك خلقهم أي للرحمة. ولاملأن اللام جواب لقسم محذوف أي يمينا لاملأن. وأجمعين حال مؤكدة ، وصاحب الحال الجنة والناس.
المعنى :
(فَلَوْ لا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ). بعد ان ذكر سبحانه ما حل بقوم نوح وعاد وثمود وغيرهم من الهلاك والدمار بسبب تمردهم وفسادهم في الأرض قال عز من قائل : ما وجد في تلك الأمم ـ وكان ينبغي ان يوجد ـ أهل خير وصلاح يصدون الظالم عن الظلم ، والمفسد عن الفساد .. ولكن ظلم المترفون : وسكت عنهم آخرون ، فاستحق الجميع عذاب الله وغضبه (إِلَّا قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ). المراد بهؤلاء القليل الأنبياء ومن آمن معهم ، ومن الجارة في (ممن) بيان للقليل ، وفي (منهم) للتبعيض ، وضمير الجماعة يعود الى القرون ، والمعنى ان الفئة المؤمنة التي أنجاها الله من الهلاك كانت تأمر بالمعروف ، وتنهى عن المنكر ، ولكن لا أمر لمن لا يطاع.
(وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ وَكانُوا مُجْرِمِينَ). المراد بما أترفوا فيه أموالهم وأملاكهم أي ان البقية الصالحة نهت المترفين عن الفساد في الأرض ، ولكن هؤلاء انقادوا الى الترف والنعيم ، وآثروا العاجلة على الآجلة ، وأصروا على الإثم والمعصية ، ولا سر إلا ترفهم ونعيمهم : (وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) ـ ٣٥ سبأ».