في مصر يلقبن الزوج بالسيد ، واستمر هذا الى زماننا». دخل سيدها البيت فرأى يوسف واقفا ، وقميصه ممزقا ، وقبل أن يسأل عن الخبر (قالَتْ) ـ له ـ (ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ). قالت هذا بكل هدوء ، ودون أن يظهر عليها أي أثر للمفاجأة ، قالت لزوجها : ما جزاء من أراد بي السوء ـ وهي نفسها السوء ـ ومع هذا تتهم الطهر والقداسة بالسوء ، وتطلب معاقبته عليه.
ويذكرنا هذا بالذين يثيرون الآن الحروب في فيتنام والشرق الأوسط والكونغو وغيرها ، ويسلحون الجلادين للفتك بالمستضعفين في أنغولا وجنوب افريقيا وروديسيا ، وأمريكا اللاتينية وغيرها ، ويقيمون ضد من يخرج عن طاعتهم أكثر من ألف قاعدة عسكرية في شرق الأرض وغربها مجهزة بأنواع المبيدات البشرية ، ومع هذا يدعون انهم قتلوا الفيتناميين ، وسلحوا إسرائيل ، ودفعوها الى العدوان والتقتيل والتخريب والتشريد للمحافظة على السلم ، وأمن الشعوب ، وصيانة حقوق الضعفاء. ـ اذن ـ أية غرابة بعد هذا إذا انقادت «امرأة» لنزوتها ، وكذبت على زوجها لتستر خطيئتها؟.
(قالَ هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي). وأنا امتنعت عليها ، وفررت منها ، فلحقت بي ، وفعلت بثوبي ما ترى (وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها). تكلم المفسرون ، وأطالوا هذا الكلام حول هذا الشاهد ، فمن قائل : انه ابن عمها ، وقائل : انه من أصحاب زوجها ، وذهب آخرون الى انه كان صبيا في المهد .. أما نحن فنقف عند ظاهر الوحي الذي دل على ان الشاهد كان من أسرتها ، وانه كان بالغا راشدا لقوله : (إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ). هذا ما نطق به الوحي ، أما أين كان هذا الشاهد؟. ومتى أدلى بشهادته؟. وهل جاء صدفة ، أو بدعوة منها أو من زوجها ، اما هذا أو غير هذا فقد سكت الله عنه ، وفي الحديث : ان الله سكت عن أشياء فلا تتكلفوها.
(فَلَمَّا رَأى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ). اقتنع الزوج وأيقن بصدق يوسف (ع) وكذبها ، ولكنه رأى الستر والكتمان