ليعلم. والا ما رحم ربي (ما) اسم موصول بمعنى الذي في محل نصب على الاستثناء أي الا نفسا رحمها ربي. وقيل : يجوز أن تكون مصدرية ظرفية أي الا وقت رحمة ربي.
المعنى :
(وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ) أي بيوسف .. بعد أن عبّر يوسف الصديق للرسول رؤيا الملك ، ونصح كيف يستعدون لمواجهة السنين الشداد ، بعد هذا رجع الرسول الى سيده بالتعبير والنصح ، واكتشف الملك ان وراء قول يوسف علما جما ، وإخلاصا صادقا ، فأحب ان يقربه اليه لينتفع بعلمه وإخلاصه ، وقال : ائتوني به ، واكتفى القرآن الكريم من هذه الحادثة بقول الملك لأن القارئ يستحضر منه سائر اللوازم التي لا تنفك عنه.
(فَلَمَّا جاءَهُ الرَّسُولُ) ودعاه الى حضرة الملك (قالَ) ـ يوسف ـ (ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ). المراد بالرب هنا السيد .. رفض يوسف الخروج من السجن ، ولم يتهالك على الاستجابة لدعوة الملك ـ كما يفعل الكثير من المتّسمين بسمة الدين ـ بل لم يقم لها وزنا لأمور :
١ ـ ان المؤمن حقا لا يرى عظيما سوى الله : ولا يبالي بشيء في سبيل اظهار الحق وإعلانه ، ومن أجل هذا رفض الصدّيق أن يخرج من السجن بالعفو والتفضل ، وأصر على إعلان الحق قبل كل شيء ، وصمم ان يصبر على السجن وألمه مدى الحياة ، أو يخرج منه مرفوع الرأس مبرأ من كل بهمة.
٢ ـ أحب يوسف أن يجري التحقيق ويتم في غيبته ودون أن يتدخل هو فيه لأن ذلك أبلغ في نزاهته وبراءته ، وأدل على عظمته وحلمه وأناته.
٣ ـ ان يوسف واثق من براءته ، ومطمئن بأن التحقيق سيكن في مصلحته ، وان عدم الاسراع الى الخروج من السجن أدعى الى ثقة الناس واستجابتهم لرسالته .. بالاضافة الى انه يقطع الطريق على من يتوسل بالتهمة الى الطعن فيه عند الملك حين يقربه منه ، وعند غير الملك حين يدعوه الى الله والحق.
ورجع الرسول الى الملك وأخبره بأن يوسف لا يخرج من السجن الا بعد التحقيق