الانسانية بدون الشعور بالمسؤولية والالتزام بها.
(فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) ادع الى ربك بالحجة والبرهان ، ولا تبال بإعراض من أعرض وادبار من أدبر (إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ). ذكر المفسرون ، ومنهم الطبري والرازي والطبرسي : ان جماعة من مشركي قريش لهم قوة وشوكة كانوا يسخرون ويهزءون من رسول الله (ص). فأهلكهم الله سبحانه بأهون الأسباب وأيسرها ، ومن هؤلاء الوليد بن المغيرة ، والعاص بن وائل ، وعدي بن قيس ، والأسود بن عبد يغوث.
(وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ).
من الطبيعي ان يحزن النبي (ص) ويتألم إذا استهزأ به المشركون ، وقالوا عنه : مجنون ومفتر على الله ، من الطبيعي أن يضيق صدره بما يقول عنه الكافرون لأنه انسان من لحم ودم يفرح بما يفرح به الناس ، ويحزن مما يحزنون ، ولكن ما هي العلاقة بين الحزن والعبادة ، حتى أمره الله تعالى بأن يلجأ اليها إذا حزن وضاق صدره؟.
الجواب ، ان الله سبحانه لم يأمر نبيه بالعبادة هنا ليبين له ان ضيق الصدر سبب للأمر بالعبادة ، كلا فإن الأمر بعبادة الله غير مقيد بفرح ولا بحزن ، وانما الأمر بالعبادة هنا كناية عن الاتكال على الله والفزع اليه وحده إذا ألمّ بالنبي (ص) ما يؤلمه ويزعجه ، تماما كقوله تعالى : (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) ـ ٢٠٠ الأعراف». أنظر ج ٣ ص ٤٣٩.
(وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ). المراد باليقين هنا الموت لأنه واقع لا محالة والقصد أن يستمر الإنسان في العبادة والإخلاص لله مدة حياته : (وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا) ـ ٣١ مريم».