(وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ). تقدم نظيره في سورة الرعد الآية ٢ وفي سورة ابراهيم الآية ٣٣ ، وقوله بأمره يشير الى الرد على الماديين الذين يرجعون جميع الحوادث الكونية الى الطبيعة نفسها.
وتسأل : ألا يغني ذكر الليل عن ذكر القمر ، وذكر النهار عن ذكر الشمس؟.
الجواب : كلا ، لأن الليل قد يوجد من غير القمر ، أما النهار فهو بعض فوائد الشمس وآثارها ، وليس كلها.
(وَما ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ). المراد بذرأ خلق وأوجد ، وألوانه أصنافه ، والمعنى ان الله سبحانه سخر لنا ما أودعه في الأرض من معادن جامدة ومائعة ، ونبات وغير ذلك ، ليتذكر متذكر ويشكر شاكر.
(وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ). ذكر سبحانه من فوائد البحر ثلاثة أشياء :
الأول : الأسماك.
الثاني : الحلية كاللؤلؤ والمرجان ، قال تعالى : (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) ـ ٢٢ الرحمن». قال المراغي عند تفسير هذه الآية : «توجد حقول من المرجان في البحر الأبيض المتوسط أمام تونس والجزائر ، وتحصد هذه الحقول الدولة الفرنسية وتبيعها على أصحابها أنفسهم ، وكأنهم لم يقرءوا القرآن .. وكأنهم لم يخلقوا في هذه الأرض .. وكأنهم لم يؤمروا بالعمل والاستخراج».
الثالث : السفر بالبحر للتجارة وغيرها.
(وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ) أقام الجبال في الأرض لتثبت ولا تضطرب ، ومر نظيره في الآية ١٩ من سورة الحجر (وَأَنْهاراً) أجرى أنهارا (وَسُبُلاً) جعل طرقا (لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) بتلك الطرق الى ما تريدون (وَعَلاماتٍ) والمراد بها الدلائل التي تهدي المسافر الى الطريق مثل الجبال والوديان ونحوها