منه تلقائيا انه مخطئ ، ومن الحمق أن يفاجئه بالتأنيب والتوبيخ ، وقديما قيل : التلويح أبلغ من التصريح. وبكلمة ان الموعظة الحسنة هي التي تحقق الغرض المطلوب كما قال تعالى : (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) ـ ٣٣ فصلت».
٣ ـ الجدل بالتي هي أحسن ، وذلك بأن يكون الغرض منه اظهار الحق ، واقناع المنكر ، لا مجرد افحامه والتغلب عليه.
(إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ). بعد ان أمر الله نبيه الأكرم ان يبلّغ بالحكمة ، ويجادل بالأحسن قال له : هذا ما عليك ، أما هداية الناس فأنت غير مسؤول عنها .. وفي هذا النص إيماء الى ان الحماس في الدعوة لا يحسن في كل الأمور وعلى كل حال ، قال تعالى : (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ) ـ ٢٨ الكهف».
(وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ). هذا مثل قوله تعالى : (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ) ـ ١٩٤ البقرة». وقال جماعة من المفسرين : ان هذه الآية مدنية أدرجت في سورة مكية ، وان السبب لنزولها ان المشركين مثّلوا بقتلى المسلمين في وقعة أحد ، وبالخصوص حمزة بن عبد المطلب ، فإنهم شقّوا بطنه ، وأخذت هند ام معاوية كبده فلاكته ، وجدعوا أنفه وصلموا أذنيه وقطعوا مذاكيره ، فقال المسلمون : لئن أمكننا الله من المشركين لنمثلن بالأحياء فضلا عن الأموات ، فنزلت الآية.
(وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ). بعد أن أشار سبحانه إلى ان القصاص لا يجوز إلا بالمثل قال : الأفضل العفو وكظم الغيظ ومثله قوله تعالى : (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) ـ ٤١ الشورى».
(وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللهِ). أي بعونه تعالى وتوفيقه ، والخطاب لمحمد (ص) والمراد به العموم. وتكلمنا عن الصبر عند تفسير الآية ١٥٥ من سورة البقرة ج ١ ص ٢٤٣.
(وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ). ما من أحد يدعو الى الخير الا ويلاقي الأذى والعنت من أهل الشر دينيا كان أو زمنيا ، وقد أوصى