المعنى :
(الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ) كناية عن تشابههم وصفا وعملا ، ثم بيّن وجه التشابه بقوله : (يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ). والمنكر الذي أمروا به هو الكفر والنفاق ، والمعروف الذي نهوا عنه هو الإيمان وطاعة الله ورسوله ، أما أيديهم فإنهم قبضوها عن الإنفاق في سبيل الله ، ونسيانهم لله تركهم لطاعته ، ونسيانه لهم حرمانهم من رحمته (إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ) الناكبون عن سبيل الرحمن الى سبيل الشيطان.
(وَعَدَ اللهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْكُفَّارَ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها). بعد ان بيّن سبحانه مساوئ المنافقين توعدهم وتوعد كل كافر بنار الجحيم (هِيَ حَسْبُهُمْ) أي جزاء كاف واف على أعمالهم (وَلَعَنَهُمُ اللهُ) أبعدهم عن رحمته (وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ) لا يخف ولا ينقطع.
(كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوالاً وَأَوْلاداً فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا). يقول سبحانه : أنتم أيها المنافقون المعاصرون لمحمد (ص) مثل المنافقين الذين خلوا استمتعوا بنصيبهم من ملاذ الدنيا ، وكانوا أقوى منكم وأكثر مالا وأولادا ، فاستمتعتم أنتم أيضا بنصيبكم من حطام هذه الحياة ، وخضتم في الباطل كما خاض الأولون (أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) أي بطلت حسناتهم ، ان كان لهم حسنات كالعيش بكد اليمين وعرق الجبين .. وبطلانها في الآخرة بعدم الثواب عليها ، أما بطلانها في الدنيا فلأنها لا ترفع من شأن الكافر والمنافق عند أهل الوعي والإيمان (وَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) لأنهم أتبعوا أنفسهم في تدبير الدسائس والمؤامرات على المؤمنين الطيبين ، ثم دارت عليهم الدائرة دنيا وآخرة.
والخلاصة ان الله سبحانه قال للمنافقين المعاصرين للرسول الأعظم (ص) ، اتركوا الكفر والنفاق ، واتعظوا بالذين خلوا قبلكم من أمثالكم قبل أن يتعظ بكم من يأتي بعدكم.