جمد على الروايات الأخيرة وطعن في روايتي سماعة وابن بكير بضعف السند واختار ما ذهب اليه المرتضى وابن الجنيد من جواز إمامتهن في النوافل دون الفرائض ثم قال : ويشهد لهذا القول ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن زرارة عن ابى جعفر عليهالسلام. ثم أورد الرواية المتقدمة الدالة على ان المرأة لا تؤم إلا على الميت
أقول : والذي يخطر بالبال العليل ان ما اشتملت عليه الروايات الأخيرة من التفصيل بين النافلة والمكتوبة فيجوز في الأولى دون الثانية فالمراد بالنافلة والمكتوبة انما هو الجماعة المستحبة والجماعة الواجبة فيكون كل من النافلة والمكتوبة صفة للجماعة لا للصلاة كما فهموه ، وحينئذ فالمراد بالجماعة النافلة اى المستحبة كالصلاة اليومية لاستحباب الجماعة فيها ، والمراد بالجماعة الواجبة كالجمعة والعيدين فإنه لا يجوز إمامة المرأة فيها اتفاقا نصا وفتوى ، وعلى هذا تجتمع الأخبار وتكون الأخبار الأخيرة راجعة إلى الأخبار الأولة الدالة على القول المشهور. والاستدلال بهذه الأخبار على ما ادعوه مبنى على جعل كل من النافلة والمكتوبة صفة للصلاة وهو غير متعين بل كما يجوز الحمل على ذلك يجوز الحمل على جعلها صفة للجماعة أى الجماعة المستحبة والجماعة الواجبة. ولا ينافي ذلك إطلاق المكتوبة فان المكتوبة بمعنى المفروضة الواجبة كما في قوله عزوجل «كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ» (١) أى فرض ، وقوله : «كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ» (٢) أى فرض ، وقوله «إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً» (٣) فان الكتاب هنا مصدر بمعنى المفعول أى مكتوبا يعنى مفروضا. وبالجملة فإن المكتوبة بمعنى المفروضة وهي كما يمكن جعلها صفة للصلاة يمكن أن تكون صفة للجماعة.
والذي يرجح ما قلناه من الحمل المذكور وجوه : (أحدها) ـ ان فيه جمعا بين أخبار المسألة لاتفاقها واجتماعها على ما قلناه من جواز إمامة المرأة في الصلاة اليومية
__________________
(١) سورة البقرة الآية ٧٩.
(٢) سورة البقرة الآية ١٧٦.
(٣) سورة النساء الآية ١٠٤.