الاستئجار له كما يجوز التبرع به عنه بالنص (١) والإجماع ، واما البدني المحض كالصلاة والصيام ففي النصوص (٢) «يقضيها عنه أولى الناس به». وظاهرها التعيين عليه ، والأظهر جواز التبرع بهما عنه من غيره ايضا ، وهل يجوز الاستئجار لهما؟ المشهور نعم ، وفيه تردد لفقد النص فيه وعدم حجية القياس حتى يقاس على الحج أو على التبرع ، وعدم ثبوت الإجماع بسيطا ولا مركبا إذ لم يثبت ان كان من قال بجواز العبادة للغير قال بجواز الاستئجار لها ، وكيف كان فلا يجب القيام بالعبادات البدنية المحضة له بتبرع ولا استئجار إلا مع الوصية. إلى آخر كلامه.
وقال في كتاب المعايش والمكاسب بعد كلام في المقام : والذي يظهر لي ان ما يعتبر فيه نية التقرب لا يجوز أخذ الأجرة عليه مطلقا لمنافاته الإخلاص فإن النية كما مضى ما يبعث على الفعل دون ما يخطر بالبال ، نعم يجوز فيه الأخذ ان اعطى على وجه الاسترضاء أو الهدية أو الارتزاق من بيت المال ونحو ذلك من غير تشارط ، وأما ما لا يعتبر فيه ذلك بل يكون الغرض منه صدور الفعل على أى وجه اتفق فيجوز أخذ الأجرة عليه مع عدم الشرط في ما له صورة العبادة. وأما جواز الاستئجار للحج مع كونه من القسم الأول فلأنه انما يجب بعد الاستئجار وفيه تغليب لجهة المالية ، فإنه انما يأخذ المال ليصرفه في الطريق حتى يتمكن من الحج ولا فرق في صرف المال في الطريق بان يصدر من صاحب المال أو نائبه ، ثم ان النائب إذا وصل الى مكة وتمكن من الحج امكنه التقرب به كما لو لم يكن أخذ أجرة فهو كالمتطوع أو نقول ان ذلك ايضا على سبيل الاسترضاء للتبرع. أما الصلاة والصوم فلم يثبت جواز الاستئجار لهما. انتهى.
وفيه نظر من وجوه : الأول ـ ان ما ذكره في الكلام الأول من التردد في جواز الاستئجار لفقد النص مردود (أولا) ـ بما عرفت آنفا من أن فقد النص في خصوص
__________________
(١) الوسائل أبواب النيابة في الحج وبعض أبواب وجوب الحج وشرائطه.
(٢) الوسائل الباب ١٢ من قضاء الصلوات والباب ٢٣ من أحكام شهر رمضان.