أقول : لا ريب ان البناء على هذا الضابط موجب لرد هذه الاخبار البتة إذ من المعلوم عند كل ذي سمع ودراية ان الداخل إلى مكة يوم التروية في أوله أو آخره لا يفوته الموقف بعد الإتيان بأفعال العمرة ، مع انهم (عليهمالسلام) حكموا بفوات المتعة في الصحيحين المذكورين بزوال الشمس من يوم التروية أو من أول صبحه. وهكذا في الروايات المتقدمة. ولكنهم (رضوان الله عليهم) لعدم ظهور الجواب لديهم عن هذه الاخبار يرمون بهذا الكلام الذي لا يخرج عن الجزاف بل ارتكاب التحمل والاعتساف.
وبالجملة فإن الاستدلال بهاتين الصحيحتين وأمثالهما يتوقف على القول بمضمونهما وهم لا يقولون بذلك ، وتأويلهم لا ينطبق عليهما ، فكيف يصح منهم الاستدلال بهما؟ نعم يصح الاستدلال بهما في الجملة أعم من ان يكون الاعتبار في العدول بما دلت عليه أو ما دلت عليه الاخبار الأولة.
ويدل على ذلك ما رواه ابن بابويه في الموثق عن إسحاق بن عمار (١) قال : «سألت أبا إبراهيم عليهالسلام عن المرأة تجيىء متمتعة فتطمث قبل ان تطوف بالبيت حتى تخرج الى عرفات؟ فقال : تصير حجة مفردة ، وعليها دم أضحيتها».
واما ما يدل على القول الثاني فروايات : منها ـ رواية عجلان ابي صالح المتقدمة (٢).
ومنها ـ ما رواه ثقة الإسلام في الكافي (٣) في الصحيح عن العلاء بن صبيح ، وعبد الرحمن بن الحجاج ، وعلي بن رئاب ، وعبد الله بن صالح ، كلهم
__________________
(١) الفقيه ج ٢ ص ٢٤٠ وفي الوسائل الباب ٢١ من أقسام الحج.
(٢) ص ٣٣٥ و ٣٣٦.
(٣) ج ٤ ص ٤٤٥ ، وفي الوسائل الباب ٨٤ من الطواف.