الظالمون ، قال : المدّعون لمنزلتهم بغير حق ، قالا : ربّنا فأرنا منزلة ظالميهم في نارك حتى نراها كما رأينا منزلتهم في جنتك ، فأر الله تبارك وتعالى النار فابرزت جميع ما فيها من انواع النكال والعذاب ، وقال الله عزوجل : مكان الظالمين لهم المنزلين لمنزلتهم في اسفل درك منها ، («كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها)(١) ، (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ)(٢) ، يا آدم ويا حوّا ، لا تنظرا الى أنواري وحججي بعين الحسد فاهبطتكما من جواري واحلّ بكما هوان ، (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما) ، وقال : (ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ ، وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ ،) فدّلاهما الغرور وحملهما على تمنّي منزلتهم ، فنظرا إليهم بعين الحسد فخذلا حتى أكلا من شجرة الحنطة كلّها ممّالم يأكلاه ، واصل الشعير كله ممّا عاد مكان ما أكلا فلّما أكلا من الشجرة طار الحلى والحلل عن اجسادهما وبقيا عريانين («وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) ، وناداهما ربهما : (أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ) ، قالا : (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا ، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ») ، قال : فاهبطا من جواري فلا يجاورني في جنّتي من يعصيني ، فهبطا موكّلين الى انفسهما في طلب المعاش ، فلمّا اراد الله عزوجل أن يتوب عليهما جائهما جبرئيل ، فقال لهما : انكما ظلمتما انفسكما بتمنّي منزلة من فضل الله عليكما فجزائكما ما قد عوقبتما به ، من الهبوط من جوار الله عزوجل الى ارضه ، فسئلا ربّكما بحق الأسماء التي أريتموها على ساق العرش حتى يتوب عليكما ، فقالا : أللهمّ إنّا نسئلك بحق الاكرمين عليك محمّد وعليّ وفاطمة
__________________
(١) السّجدة / ٢٠.
(٢) النّساء / ٥٦.